وكان شيخي يتردد في وقوع التفريق بسبب النسيان، فتارة كان يُلحقه بالأعذار، وتارة كان لا يَعُد النسيان عذراً.
ومما يتعين الاعتناء بفهمه أن التفريق في الصلاة إِنما هو تطويلُ ركنٍ قصيرٍ كما سبق، ثم لو فرض تطويله بنسيان وذهولٍ، لم يُقضَ ببطلان الصلاة قولاً واحداً.
وبهذا يتبين اتجاه القطع بأن تفريق المعذور لا يؤثر في طهارته.
١١٣ - فإن قيل: لا يبقى مع ما ذكرتموه من كون الناسي المطوِّل معذوراً في الصلاة وجهٌ لتخريج تفريق المعذور على قولين.
قلنا: من طول ركناً قصيراً في الصلاة؛ فهو في الصلاة، وإِن طوّل ما حقه ألا يطول. وقد ذكرنا أن المتوضىء في الزمان الذي يتخلل بين الركنين ليس مشتغلاً بالطهارة، ومع هذا يُعد الوضوء قربةً واحدةً. فاِذا تخللت أزمنةٌ متطاولةٌ، ينبتر (١) النظام فيها، بسبب أنه يتخللها ما ليس منها، وهذا يستوي فيه المعذور وغيره، وتخلل الأزمنة -على منع التفريق عندي- يتنزل منزلة الأعمال إِذا طرأت على الصلاة، فالقليل معفوٌ عنها، والكثير المتوالي على عمدٍ يُبطل الصلاةَ، وإِذا صدر الكثير مع النسيان، ففي المسألة وجهان، سياتي ذكرهما في الصلاة - إن شاء الله تعالى.
فهذا حقيقة القول في تفريق الطهارة.
ثم يستوي الغسل والوضوء في أمر التفريق. والوضوء يختصّ بالترتيب من جهة أن الترتيب إِنما يُصوّر فيما يشتمل على أركانٍ متغايرةٍ، وجميع البدن في الغسل كالعضو الواحد في الوضوء.
التفريع على قولي التفريق:
١١٤ - إن حكمنا بأن التفريق الكثير يبطل الوضوء، فإذا تخلّل، فسد الوضوء، ولزمه استئنافه. وإِن حكمنا بأن التفريق الكثير لا يبطل الوضوء، فإِذا فرق المتوضىء وضوءه، لم يبطل ما مضى، وله البناء على بقية وضوئه.
ثم اختلف أئمتنا في أنه هل يجب تجديد النية في بقية الطهارة؟ فمنهم من قال: