للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسجود، والقعود للتشهد، فمن تناهى في تطويلها، لم يضرّه؛ إِذ لا نهاية لآخرها.

وأما القصيرة منها، فالاعتدال عن الركوع، والاعتدال عن السجود، وكأنهما [موضوعان] (١) للفصل، فالاعتدال على هيئة القيام يفصل الركوع عن السجود، والقعود بين السجدتين يفصل إِحداهما عن الأخرى، وترك الموالاة في الصلاة معناه تطويل الفواصل قصداً، وذلك مبطلٌ للصلاة على ما سنذكره. إِن شاء الله عز وجل.

١١٢ - توجيه القولين في تفريق الطهارة.

من قال: إن التفريق يبطل الطُّهرَ شبهه بالصلاة، ووجه الشبه أن الحدث يَنقُضهما.

ومن قال بالقول الجديد، احتج بأن أركان الوضوء لا رابط لها، والركن [ينفصل عما بعده] (٢)، والزمن القريب المتخلل بين الركنين ليس فيه اشتغال بالطهارة، فالأركان المقصودة فيها كأنها أفرادٌ منبترةٌ، لا ناظم لها، فهي كاقدار الزكاة، يفرّقها [مستوعبها] (٣)، فيتخلل بين المقدار والمقدار زمان، لا اشتغال فيه بالزكاة، ثم لا فرق بين أن يطول ذلك الزمان المتخلل، أو يقصُر، فلتكن أركان الطهارة كذلك.

فإن قيل: إِلى ماذا الرجوع في الفرق بين التفريق اليسير والكثير؟

قلنا: إِذا غسل المتوضىء عضواً، ثم أضرب حتى زال الماء، مع اعتدال الهواء والحال، فهذا كثير. ولا يُفرض ذلك مع برد الهواء، ولا مع الحرّ المفرط، فالوسط هو المعتبر بين الطرفين.

ثم ما ذكرناه في تفريقٍ يقع من غير عذرِ، فإن كان سببُ التفريق عذراً من خوفٍ أو نفادِ ماءٍ، فالأصح القطع بأن التفريق لا يُبطل الطهارة.

ومن أصحابنا من سوّى بين المعذور وغيره في تخريج المسألة على قولين.


(١) في الأصل: موضعان.
(٢) في الأصل: يفصل ما بعده، والمثبت تقديرٌ منا، صدقته (م)، وفي (ل): ينفصل مما.
(٣) في الأصل: مستوجبها. والمراد هنا [بمستوعبها] من يستوعب بأقدار الزكاة جميع الأصناف الثمانية. أو من يستوعب المقدار الواجب إخراجه دفعة دفعة.