للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحن نذكر المسلكين على مساقه، ثم نذكر بعد نجازهما ما يهذِّبُ الغرضَ، ونبين الحق.

فأما ما نسبه إلى ابن سريج والجمهور، فطريق الحساب فيه -وبه نبُيّن الفقهَ والفتوى- أن نقول: الفريضة الجامعةُ للوصية والميراث ثلاثة: للموصى له سهم، ولكل ابن سهم، فيأخذ الغريم سهماً، ممّا عليه، ويَقْسِم الموصى له والابنُ الذي لا دين عليه العينَ نصفين، لكل واحدٍ منهما خَمْسة، وقد جُني من الدين خمسةٌ، وبقي من الدين خمسة، لمن عليه الدين ثلثُها، وهو درهم وثلثان، فيبقى عليه ثلاثةٌ وثلث، إذا أداها، اقتسمها الموصى له والابنُ الذي لا دين عليه بينهما نصفين، على نسبة قسمتهما للعين؛ فإن هذا مذهب الجمهور وابن سريج، وأصحاب الرأي.

وبيان ذلك أن الوصية وحق الابنين بنيا على الشيوع، فالعين أثلاثاً بين الموصى له والابنين، والدين كذلك أثلاثاً، فيأخذ من لا دين عليه ثلثَ العين ميراثاً، ويأخذ الموصى له ثلثها بالوصية، فيبقى من العين ثلثٌ للابن الذي عليه الدين، وللموصى له عليه (١) ثلث الدين، وللابن الذي لا دين عليه ثلث الدين، وقد وجَدا الثلثَ من العين فيقسمانه بينهما نصفين، هذا معنى اقتسام العين نصفين.

ومن عليه الدين يبرأ عن ثلث الدين بحكم إرثه، وقد أدى من العين ثُلثَها إلى جهة الوصية، وإلى أخيه الذي لا دين عليه، فيبرأ بهذا السبب عن ثلثٍ آخر، وقد استوفَى تمامَ حقه إرثاً وقصاصاً، فيبقى عليه ثلث الدين، وهو بين الموصى له والابن الذي لا دين عليه نصفين.

هذا بيان ما حكاه عن ابن سريج، والجمهور، وأصحاب الرأي.

وحكى عن أبي ثورٍ مسلكاً آخر، وذلك أنه قال فيما حكاه عنه: للموصى له ثلثُ العين من غير مزيد، ولا يأخذ من العين غيرَها (٢)، والابن الذي لا دين عليه يأخذ ثلثي العين، أما الدين، فيسقط ثلثاه عمن عليه الدين ميراثاً وقصاصاً، وهو الذي جرى


(١) أي على من عليه الدين،
(٢) كذا. أعاد الضمير المؤنث على الثلث وهو مذكر. ولا يبعد تأويله بالدراهم أو الحصة ونحوها.