للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينه وبين [الابن] (١) ويبقى عليه ثلث الدين هو حق الموصى له يستوفيه منه خالصاً. قال الأستاذ هذا الوجه أقيس على مذهب الشافعي مما ذكره ابنُ سريج، واعتلّ في توجيه ذلك بأن قال: لو كانت المسألة بحالها، وفي التركة عشرةٌ عين وعشرةٌ دين على أجنبي، وقد خلف ابنين، فأوصى بثلث ماله لأجنبي لا دين عليه، فليس للموصى له في هذه المسألة إلا ثلث العين وثلث الدين، فكذلك إذا كان الدين على أحد الابنين، فإن الجزئية في الدين والعين لا تختلف باختلاف من عليه الدين.

وهذا الذي ذكره عن أبي ثور واختاره نُبَيّن معناه أولاً لنفهم وجهه، ثم نُتبع ما ذكره بالحق.

فمعنى قول أبي ثور إن الموصى له يأخذ ثلث العين بحكم الجزئية، وله ثلث الدين على الابن الآخر، وللابن الذي عليه الدين ثلث العين بحكم الإرث الشائع، وللابن الذي لا دين عليه على أخيه ثلث (٢) الدين، وقد [ظفر] (٣) بثلث العين، فجعل أبو ثور الأخَ أولى بالثلث الذي ظفر به، ولم يُثبت للموصى له فيه شركة.

هذا معنى كلامه وهو عندنا غلطٌ صريح، فإنا حملنا [المقاصَّة] (٤) على أخذ ما [يظفر] (٥) مستحق الدين به من مال من عليه الدين، وللموصى له عليه ثلث الدين كما للابن الذي لا دين عليه ثلث الدين، وقد استويا في استحقاق الدين عليه، فلا وجه لاختصاص الابن بأخذ ما ظفر به دون الموصى له.

فإن قيل: إنما أوصى له بالثلث، فالابن الذي لا دين عليه إنما يرث الثلث أيضاً من الدين والعين، وإنما يأخذ ما يظفر به لأخذ [المقاصّة] (٦) كما بيناه، فليأخذ الموصى له كذلك بالمقاصّة حصته مما وقع الظفر به، كما لو وجد يوماً من الدهر درهماً لمن عليه الدين، فخرج منه أن الذي رآه الأستاذ أصحَّ وأقيس والذي ذكره عن أبي ثور لا


(١) في الأصل: الله.
(٢) في الأصل: ثلث ثلث الدين.
(٣) في الأصل: ظهر.
(٤) في الأصل: المفاضة.
(٥) في الأصل: يظهر.
(٦) في الأصل: المقاصد.