للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُسراه في محل النجاسة، ويصب الماء بيُمناه، وإن كان يستنجي من البول، فلو أخذ الحجر بيمينه وأخذ العضو بيساره، فإنْ كان يحرك يسراه ويمينُه قارّة، فهو مستنجٍ باليَسار، وإن كانت يده اليُسرى مع العُضو قارّة، وكان يحرك الحجر في يده اليمنى، فهو مستنجٍ باليمنى، وإن كان يُعمل يديه ويحرّكهما، فقد ارتكب النهي بتحريكه يمناه.

ولا شك بعد هذا كلّه أن الجمع بين الأحجار والماء هو المحبوب، وفيه نزل قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: ١٠٨] الآية.

[فصل]

[في انتشار النجاسة] (١)

١٤٠ - فأما القول في انتشار النجاسة، فقد نقل المزني: " ويقتصر على الأحجار، ما لم تعْدُ النجاسةُ المخرج " (٢)، ونقل عن القديم أنه قال: " ويقتصر على الأحجار، وإن انتشر، إذا لم يجاوز العادة في الانتشار ". فأوهم المزني أن المسألة فيها قولان.

وكان شيخي ينقل عن الربيع أنه قال: " يقتصر ما دامت النجاسة بين الإليتين، فإن ظهرت على ظاهر الإليتين، فقد تعيّن الماءُ ".

وقد ساعد بعضُ الأصحاب المزنيَّ في تخريج المسألة على أقوال، وهذا غلط، لا يعدّ من المذهب، والأصل اعتبار العادة في الانتشار، وما نقل عن الربيع قريبٌ مما ذكره عن الشافعيّ، وإن لم يكن ما ذكره حدّاً يوقف عنده، بل الوجه إحالة الأمر على العادة.

وأمّا ما ذكره المزني، فمأخوذ عليه، فإن الشافعيّ قال: " ما لم تعْدُ النجاسةُ المخرجَ، وما حوله "، فأغفل المزني: " وما حوله ". والدليل على ما ذكرناه من رد الأمر إلى العادة أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت الاقتصار على الأحجار رخصةً في


(١) العنوان من عمل المحقق، أخذاً من تفصيل الإِمام في أول الباب.
(٢) ر. المختصر: ٢/ ١١.