للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحّت هذه الرواية، فالإفضاء باليد قد يظهر منه التعاطي بالكفّ.

وأما أنا فأقول: يمكن أخذ هذا من مطلق قوله عليه السلام: " من مس ذكره فليتوضّأ " فإن أعضاء الإنسان في تصرفاته وتاراته تتماسّ وتتلاقى، فإذا قال القائل: مس فلانٌ عضواً من نفسه، لم يعن به التماسّ الذي يقع، وإنما يعني به اعتمادَ الممسوس بالعضو الذي أعدّه الله تعالى للّمس والحس (١)، وإنما يقع ذلك ببطن الكفّ والأصابع، وهذا حسنٌ لطيف.

لو وقع المسّ بظهر الكف، لم يتعلق به النقض، خلافاً لأحمدَ بنِ حنبل (٢)، فإنه يسوّي بين ظهر الكف وبطنه.

واختلف أئمّتنا في المسّ برؤوس الأصابع، فألحقها ملحقون ببطون الأصابع، وما ينحدر عن رؤوسها؛ فإن هذه الأجزاء متواصلة متضاهية في الصفة؛ إذ بشرة الكف من حيث أعدها الله تعالى لمسّ الممسوسات على صفةٍ من الاعتدال، تخالف بها سائرَ البشرة، في جملة الأعضاء، ورؤوس الأصابع منها بمثابة بطون الأصابع.

والظاهر أن الوضوء لا ينتقض؛ فإن اللمسَ المعتاد يقع بالراحة، وبطون الأصابع، وقد ذكرنا في مأخذ هذا الفصل تنزيلَ الأمر على الاعتياد فيه.

وأما المسّ بما بين الأصابع، فقد نص (٣) الشافعي على أنه لا ينقض الوضوء، وقطع به، وهو لعمري أبعد من رؤوس الأصابع، وقد ذكر بعض أصحابنا فيما بين الأصابع خلافاً، وهو بعيد جدّاً.

فرع:

١٦٢ - قد ذكرنا قولين في انتقاض وضوء الملموس في القسم الثالث. فأما الممسوس فرجُه والماسّ غيرُه (٤)، فلا ينتقض وضوؤه، ومن أشار إلى خلافٍ فيه،


= في الأم. (ر. التلخيص: ١/ ١٢٥، ١٢٦ ح ١٦٦، ابن حبان: ٣/ ٤٠١ ح ١١١٨، الأم: ١/ ١٦، السنن الكبرى: ١/ ١٣١).
(١) (ل) و (م): الجس.
(٢) ر. المغني: ١/ ٢٠٣، الإنصاف: ١/ ٢٠٤، كشاف القناع: ١/ ١٢٧.
(٣) ر. الأم: ١/ ١٦.
(٤) المعنى: أن صاحب الفرج الممسوس إذا كان المسّ من أجنبي، وليس منه، فلا ينتقض وضوؤه.