للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك الماسح على الخُفّ إذا شك في انقضاء المدة، لم يمسح بناء على أن الأصل بقاء المدة.

فيقال: الأصل في كل يومِ وجوبُ الظهر أربع ركعاتٍ، ثم ثبتت صلاة الجمعة بشرائط، وهي طارئة على الأصل، فإذا فرض تردّد وشكٌّ في الجمعة (١)، رددنا الشاك إلى أصل صلاة الظهر، وكان ذلك استصحاب لأصلٍ سابق على فريضة الجمعة، وكذلك الأصل غسل القدمين، والمسح رخصة طارئة، منوطة بشرائط، فإذا فرض الشك في بعضها، تعين الرد إلى أصل غسل القدم.

والتحقيق فيه أنا لا نشترط غالبَ ظنّ في الفنّ الذي استثناه، بل الشك بمجرده يمنع إقامة الجمعة، والمسح على الخفّ، وهو في التحقيق تمسك باستصحاب [الأصل] (٢) عند الشك في شرط ما طرأ على الأصل.

ومما ذكره أن المسافر إذا انتهى إلى موضع، وشك أن ذلك الموضع موطنه، ومنتهى سفره أم لا؟ قال: إنه لا يقصر، ولا يترخصّ برخص المسافرين، وهذا منتظم على القياس المقدَّم؛ فإن الأصل إتمامُ الصلاة، وإقامة الصلاة في وقتها، والرّخص طارىء مشروط بشرطٍ، فإذا فرض التشكك فيه، رُدّ المكلَّف إلى الأصل.

قال: وكذلك (٣) لو شك، فلم يدر أنوى الإقامة أم لا، لم يترخَّص ما لم


(١) هذه المسألة -مسألة الشك في انقضاء الوقت يوم الجمعة- ليست من المسائل الإِحدى عشرة التي استثناها صاحب التلخيص. (السابق نفسه).
(٢) في الأصل: " الحال "، والمثبت من (م)، (ل). وهو تعبير الإِمام في المسألة الآتية بعد هذه، وتعبير النووي في التنقيح (ر. الوسيط: ١/ ٣٢٦ هامش (١)).
(٣) هذه هي المسألة الرابعة التي ذكر الإِمام أنه اختارها من مسائل صاحب التلخيص.
وقد أخذ أبو حامد الغزالي هذا عن شيخه، فقال في الوسيط: "واستثنى صاحب التلخيص من هذا أربع مسائل"، وعدد هذه المسائل بنصها. فأوهم أنها كلُّ ما استثناه صاحب التلخيص، مع أن إِمامنا قال: " استثنى مسائل عددها، نذكر منها ". ولذا تعقب النوويُّ الغزالي في التنقيح، فقال: أما قوله: " استثنى أربع مسائل، فقد يُنكر، لأنه يوهم أنه اقتصر على أربع، وليس كذلك، بل قد استثنى في (التلخيص) إِحدى عشرة مسألة، ليس منها مسألة الجمعة ". ا. هـ. (ر. التنقيح - بهامش الوسيط: ١/ ٣٢٦. والمجموع ١/ ٢٦٤).