للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر العراقيون من طريق التنبيه وجهاً عن بعض الأصحاب في تخريج بيع العين الموصى بمنفعتها أبداً على القولين، وصرح بنقل هذا الوجه الشيخ أبو علي في الشرح، وهذا بعيد؛ فإن العين مسلوبةُ المنفعة.

ووجهُه على بعده أن الملك في الرقبة لا يَنقُص [بها] (١)، وامتناع الانتفاع ينزل منزلة امتناعه بزمانة (٢) العبد، ولم يختلف علماؤنا في جواز بيع العبد الزَّمِن، الذي لا انتفاع فيه.

وهذا ملتبس؛ من جهة أن المعتمد في منع البيع ثبوتُ يد مستحق المنفعة، وامتناعُ إزالتها، وهذا لا يتحقق في الزَّمِن.

والتعلق بالنكاح في توجيه الوجه البعيد أمثلُ؛ فإن النكاح معقود على التأبيد، ثم لا يمتنع به البيع في الرقبة.

٧٣٧٨ - وإذا جرينا على المسلك الأصح، وهو المنصوص عليه للشافعي، وصححنا الوصية بالثمار التي ستكون في المستقبل كتصحيحنا الوصيةَ بالمنافع، فتفصيل القول في بيع الأشجار الموصى بثمارها، كتفصيل القول في بيع العين الموصى بمنفعتها، [فالمقدّر] (٣) من الثمار كالمقدّر من المنافع، والاستحقاق على التأبيد في الثمار يضاهي المنفعة المؤبدة في ترتيب المذهب في بيع الأعيان.

وكان شيخي أبو محمد يقطع القول بأن [الوصية] (٤) بأولاد الأمة في مستقبل الزمان لا تمنع بيعها قولاً واحداً؛ فإن منافعها باقية، وولدُها ليس مما يؤثِّر ويقدح في تمام الملك في الرقبة، وكان [يتردّد] (٥) في بيع المواشي الموصى بنتاجها، وصغْوُه الأظهر إلى صحة بيعها.

ويتجه عندي تصحيح بيع الأشجار الموصى بثمارها؛ فإن الذي يتجه اعتماده في


(١) بها: أي الوصية بالمنفعة. وفي الأصل: منه.
(٢) الزمانة: مرض يدوم، والاسم منها: الزمن. (مصباح).
(٣) في الأصل: كالمقدّر.
(٤) في الأصل: بأن الموجب.
(٥) في الأصل: تردّدَ.