للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموصى له قبول ولا رَدٌّ حتى مات، فمذهب الشافعي رضي الله عنه أن وارث الموصى له بالخيار: إن شاء، قبل الوصية، وإن شاء، ردّها.

وقال أبو حنيفة (١) تلزم الوصية بموت الموصى له، وهذا في نهاية الضعف؛ فإنه إلزامٌ يتضمنه عقدٌ مع أقوامٍ مطلقين، وكان ينقدح في القياس القضاء ببطلان الوصية، لو كان مذهباً لذي مذهب؛ من جهة أن الموصى له قد مات، ففرضُ القبول من غيره، وليس القابل موصًى له [بعيدٌ] (٢)، ولم يصر إلى هذا أحدٌ نعلمه من العلماء. فإذا لم يصح هذا مذهباً، وبطل لزوم الوصية من غير قبول، لم يبق بين هذين الطرفين إلا إحلالُ الوارث محل الموروث.

وهذا المنتهى يشعر بدقيقة، وهي أن قبول الوصية ليس على حقائق قبول العقود، ولهذا استأخر عن الإيجاب، مع إمكان فرضه متصلاً بالإيجاب، ولكن الإيصاء يُثبت عند الموت للموصى له حقَّ التملك بالقبول، ولا يبعد أن يجري الإرث في حق التملك، كالشفعة على مذهبنا. ثم أبو حنيفة أبطل الشفعة بموت الشفيع، وألزم الوصيةَ بموت الموصى له.

٧٤٧١ - فإذا ثبت [أن] (٣) وارث الموصى له بالخيار في القبول والرد، فإن فرعنا على قول الوقف، لم يكن [بين] (٤) قبول الوارث وردّه، [وبين] (٥) قبول الموصى له وردّه فرقٌ؛ فإن قبل الوارثُ الوصية، [تبيّنا] (٦) أن الملك كان حصل بموت الموصي للموصى له، ثم خلفه إرثاً على ورثته، وننُزلُ قبولَ الوارث منزلة قبول الموصى له في حياته.


(١) ر. مختصر الطحاوي: ١٥٧، الاختيار: ٥/ ٦٥.
(٢) زيادة من (س).
(٣) في الأصل: كان.
(٤) زيادة من (س).
(٥) في الأصل: ومن.
(٦) في الأصل: ثبتت.