للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفصيل في أن القريب كيف يعتِق على القريب في مرض موته؛ والمقدار الذي ننجزه أن المريض إذا ورث قريبه، عتق عليه من رأس المال، وتقدير الملك للموصى له لا اختيار فيه، فكان كالإرث على ما سيأتي ذلك مشروحاً، إن شاء الله تعالى.

وإن قلنا: الملك يحصل مع قبول الوارث للميت، فإذا كان الموصى به ممن يعتِق على الموصى له، فإنه لا يعتِق على الموصى له، فإنا قدّرنا الملك بعد موته، ولا ينفذ العتق على الميت، على ما سنبين ذلك في مسائل نجمعها في العتق في هذا الكتاب.

وإن قلنا: الملك يحصل للوارث، وكان الموصى به ممن يعتق على الموروث في حياته، ولا يعتق على الوارث، بأن كان ابنَ الموصى له وأخَ الوارث القابل.

نعم، تردد أئمتنا على هذا الوجه في شيءٍ وهو أن الوارث إذا ملك الموصى به، فهل يجعل هذا في حكم تركة الموصى له، حتى يقضى منه ديونه؟ اختلف أصحابنا: فمنهم من قال: ليس ذلك تركته؛ فإنه لم يدخل في ملكه، فصار كالشقص المأخوذ بالشفعة.

ومنهم من قال: هو في حكم تركة الموصى له؛ لأن الوارث ملكه بسببه، وليس كالمبيع المشفوع؛ فإنه مملوك بعوضه لا بالإرث، وإنما الموروث حق تملكه، والموصى به في مسألتنا مملوكٌ بالوصية للميت، فشابه ذلك ما لو كان نصب شبكة في حياته وتعقّل بها صيدٌ بعد موته، فالمذهب الظاهر أن الصيد يثبت له حكم تركة الميت؛ لترتب الملك على سبب وجد منه في حياته، والملك المستفاد مشبه في مأخذه (١) بالغُرم اللاحق، ولو كان حفر بئراً في محل (٢) عدوان، وتردى فيها بعد موته متردٍّ مضمونٌ، صار الضمان وإن طرأ بعد الموت كالدين الذي التزمه الميت في حياته.


(١) (س): تأخره.
(٢) (س): في ملك غيره.