للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا بد من نقل الطَّهور إلى الوجه واليدين، كما سنصفه، فلو ضرب يده على مدرٍ صلبٍ لا غبار عليه، ولم يعلق بيده منه شيء، أو على حجر صلدٍ، ومسح وجهه ويديه، لم يُجزه عندنا. ثم إذا وجب نقلُ شيءٍ، فالشرط أن يكون المنقول تراباً طاهراً خالصاً مطلقاًً، وشرح هذه الألفاظ يوضّح غرض الفصل.

فأمّا قولنا: ترابٌ، فيندرج تحته أصناف التراب -وإن اختلفت ألوانه- فمنها الأعفر، والأسود، وهو ما يستعمل في الدواء، والأصفر، والأحمر، وهو الطين الأرمني، والأبيض وهو المأكول من التراب، لا الجص.

وقال الشافعي (١): والسبخ، والبطحاء، والسبخ التراب الذي لا ينبت فيه، وليس هو الذي يعلوه ملح؛ فإن الملح لا يجوز التيمم به. والبطحاء ترابٌ لين يكون في مسيل الماء، وليس رملاً.

وأما قولنا: ينبغي أن يكون طاهراً، فلا شك أن التيمم بالتراب النجس لا يُبيح الصلاة، وهو بمثابة التوضؤ بالماء النجس.

١٩٥ - وأما قولنا: ينبغي أن يكون خالصاً، فالتفصيل فيه، أنه إذا اختلط بالتراب زعفران، أو دقيق، أو ما في معناهما، نظر: فإن ظهر المخالط على التراب -والمرعي في الغلبة أن يُرى- لا يجوز (٢) التيمّم به. وإن كان ذلك المخالط مغموراً؛ لا يظهر، ففي التيمّم وجهان: أحدهما - الجواز؛ فإن المغمور كالمعدوم، اعتباراً بما يخالط الماء ويغمره الماء.

والثاني - لا يجوز التيمّم به؛ فإن المخالط، وإن قل يعلق بالوجه واليدين، والتراب كثيف لا يزحزحه، فتبقى أجزاءُ من محلّ التيمّم غيرُ ممسوسة (٣) بالتراب.

وهذان الوجهان مبنيان على ما إذا اختلط بالماء الذي يقصر عن قدر الوضوء من الماورد ما كمله، ففي جواز الوضوء وجهان، ووجه الشبه أنّا في هذه الصورة نعلم


(١) الأم: ١/ ٤٣، ومختصر المزني: ١/ ٢٨. والكلام هنا بمعناه لا بلفظه.
(٢) جواب الشرط.
(٣) في (د ٣): ممسوح.