للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحيث نحكم بأن العتق ينفذ من رأس المال، فإذا عتِق مَن (١) ملكه عتقاً مستحقاً محسوباً من رأس المال، فقد ذكر الشيخ أبو علي وجهين في أنه هل يرث: أحدهما - وهو الصحيح (٢) أنه يرث؛ لأنه [لا] (٣) مانع من توريثه؛ فإن عتقه لم يقع في حكم الوصايا، فهو بمثابة ما لو عتَقَ في حالة الصحة.

والوجه الثاني - أنه لا يرث، وهو اختيار الإصطخري، ولست أعرف هذا وجهاً، ولكنّ الشيخ أبا علي [استدلّ له] (٤) بأن قال: العتق حصل، وفيما نحتسب جنسَ العتق فيه من الثلث، فلا نظر إلى خروج هذا العتق عن القياس.

ولا ثبات لمثل هذا الكلام؛ فإن العتق لاسمِه ولقبِه لا يعتبر من الثلث، وهو منقسم: فمنه ما يحسب من الثلث، ومنه ما لا يحتسب، فلا حاصل [تحت] (٥) ما قال.

واستشهد بمسألة [فقال] (٦): إذا نكحت المرأة في مرضها بدون مهر مثلها، فيصح ذلك منها، ولا يحسب من الثلث، فإنها حابت في عوض البضع، وليس البضع [ممّا يبقى] (٧) للورثة، قال: فهذا فيه إذا كان الزوج بحيث لا يرثها، مثل أن يكون رقيقاً أو مسلماً، وهي كافرة (٨)، فأما إذا كان الزوج يرثها، فيلزمه مهرُ مثلها كَمَلاً، فكأنا قدرنا ذلك وصيةً في حق الزوج الوارث، وإن لم نقدره وصيةً في حق غيره.

هكذا ذكره الشيخ، وأطلق [جوابه] (٩) في الفرق بين من يرث وبين من لا يرث.


(١) (س): في.
(٢) ما قاله الإمام من أن هذا هو الصحيح استقر عليه المذهب، فقد قاله النووي بلفظه (الصحيح). (ر. الروضة: ٦/ ٢٠٤).
(٣) زيادة من (س).
(٤) في الأصل: استدركه.
(٥) في الأصل: يجب.
(٦) في الأصل: وقال.
(٧) في الأصل: بما بقي، و (س): مما بقي.
(٨) كافرة: المراد ذمية كما صرح بذلك في الروضة: ٦/ ١٣٣.
(٩) في الأصل: حرازه.