للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ما ذكره الأئمة في الطرق، ووجدت في بعض التصنيفات رمزاً إلى شيء يدور في خَلَد الفقيه، وذلك أن الصدقة نرجو لحوق بركتها الميت، فأما أن تقع عن الميت وصَدَرُها (١) من غير وارث، وهي متطوع [بها] (٢). فهذا بعيد عن القياس.

وقد ذكر الصيدلاني وغيره أنها تقع عن الميت، ومعنى وقوع التطوع عن الشخص أن يلتحق بأعماله، وكيف (٣) يُفرض هذا، ولم يعمله، ولم يأمر به؟ نعم، إن تصدق الرجل (٤) وقصد شخصاً، كان ذلك في معنى الدعاء له، فلا يبعد أن يخفف الله على (٥) المتصدَّق عنه، وتنزل الصدقة وهي واقعة عن المتصدِّق منزلةَ الدعاء؛ فإن الدعاء يقع عبادة عن الداعي، وينال بركتَه الميت.

وفي حديث سعد تأملٌ للناظر، فإنه وارث، وللخلافة والوراثة أثر سنبيّنه في أثناء الفصل، إن شاء الله تعالى.

وأيضاً، فإنه لم يسأل عن وقوع الصدقة عن أمه، وإنما قال: أينفعها ذلك؟ فقال رسول الله عليه السلام: نعم. وليس يبعد عندي أن الأصحاب الأولين أرادوا هذا.


= عبادة) في حديث ابن عباسٍ رضي الله عنه. وصرح بذلك أيضاً حديث النسائي عن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده. وأما أبو داود، فقد جعل السائل المبهم في حديث عروة امرأة، وأبهم السائل في حديث ابن عباس، وجعله (رجلاً). (البخاري: الجنائز، باب موت الفجاءة البغتة، ح ١٣٨٨، والوصايا: باب ما يستحب لمن توفي فجأة، ح ٢٧٦٠، ٢٧٦١، ومسلم في الزكاة، ح ٥١، وفي الوصية، ح ١٢، ١٣، رقم عام ١٠٠٤، وأبو داود في الوصايا: باب ما جاء فيمن مات عن غير وصية، ح ٢٨٨١، ٢٨٨٢، والنسائي في الوصية: باب إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه، وابن ماجه في الوصايا: باب من مات ولم يوصِ، ح ٢٧١٧.
هذا، وليس في أيٍّ من هذه الروايات "أصمتت". وإنما كلها: افتلتت نفسها.
(١) صَدَرُها: أي صدورها، وهذا الوزن يجري على لسان الإمام لهذا المصدر ونحوه، فيقول في حدوث العالم: حَدَث العالم.
(٢) في الأصل: فهذا. (أي مكررة).
(٣) في الأصل: "وكيف يفرض من هذا ولم يعمله، ولم يأمر به" وفي (س): "وكيف يعمله ولم يأمر به".
(٤) (س): الميت.
(٥) (س): "يحقق الله ظنّ المتصدّق، وتنزل ... ".