للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن صرح المتأخرون بوقوع الصدقة عن الميت، وكان شيخي أبو محمد يبوح بهذا، ويعلله بأن النفوس متشوقة إلى إتباع الموتى الصدقاتِ، ومقتضى الشرع الحث على الصدقات بالجهات، فلا يمتنع أن يقع الحكم بوقوع الصدقة عن الميت، وهذا يعضده الزكاة؛ فإنها ركن الدين [وقوامها] (١) النية، ثم قد تقع معتداً بها من غير نية.

٧٥٢٥ - فإذا تمهدت هذه المقدمة [أتبعناها] (٢) باتفاق الأصحاب بأن من أعتق مملوكاً عن ميت متبرِّعاً، ولم يكن على الميت عتق، فالعتق لا يقع عن الميت، سواء كان المعتِق وارثاً أو غيرَ وارث.

وفرّق من أجاز التصدق عن الميت بين العتق والصدقة، بأن قال: العتق يُعقب ولاءً، وإثبات الولاء يتضمن [صدر] (٣) العتق عن ملك من له الولاء بعد العتق، وتمليك الميت [بعيد] (٤) بخلاف الصدقة.

وهذا كلام لا غَوْصَ له؛ فإن الصدقة عن الغير تقتضي صدرها عن ملكه، بَيْد أن الصدقة تفارق العتق بالولاء، وافتراقها في ذلك لا يوجب فرقاً في افتقار كل واحد منهما إلى الصدور (٥) عن الملك.

٧٥٢٦ - ولو مات وعليه كفارة، فقد قدمنا في الكفارات والمنذورات -وإن جرى التزامها في الصحة- قولين في أنها ديونٌ من رأس المال، أم سبيلها سبيل الوصايا؟

فإن (٦) جعلناها ديوناً، وهو الأصح، وعليه تفريع الفصل، كما سنذكره الآن -إن شاء الله عز وجل- وإن جعلناها بمثابة الوصايا، فهي بمنزلتها في الاحتساب من الثلث، وهل (٧) تسقط بالموت إذا لم يَجْر إيصاءٌ بها أم لا حاجة إلى الإيصاء؟ فيه تردد


(١) في الأصل: وثوابها.
(٢) في الأصل: انتفاها.
(٣) في الأصل: تعدّر.
(٤) في الأصل: بعده.
(٥) (س): الصدقة.
(٦) جواب الشرط لم يُذكر، بل محالٌ لما سيذكره من تفريع.
(٧) (س): وهي.