فالوجه القطع بأن هذا بمثابة ما لو نوى استباحة الفرض والنفل؛ فإن الصلاة اسمٌ للجنس، يتناول الفرض والنفل.
فإن قيل: لو نوى المتحرم بالصلاة الصلاةَ، لم تنعقد صلاته إلا نفلاً، فهلاّ كان الأمر في نيّة الصلاة كذلك؟ قلنا: لا يتأتى الجمع بين الفرض والنفل في تحريمةٍ واحدة، فحُمل ما جرى من ذكرِ الصلاة على الأقل، والجمع بين الفرض والنفل بتميمٍ واحد جائز، فحمل ذكر الصلاة فيه على الجنس.
وقد سمعتُ شيخي يقول: إن نوى المتيمم الفرضَ والنفل، وعناهما بإجرائه ذكر الصلاة، أداهما، وإن لم يجر ذكر النوعين، فالصلاة المطلقة محمولة على النفل.
وهذه الفروع مخرّجة على ظاهر المذهب، وهو أن صحّة التيمم لا تفتقر إلى تعيين الصلاة.
فرع:
٢٠٥ - إذا نوى المتيمم إقامة فرضين بتيمم واحدٍ، ففي صحّة تيممه وجهان: أحدهما - لا يصح أصلاً، ولا يصلح لفرضٍ واحدٍ؛ فإنه أتى بالنيّة على خلاف موجب الشريعة، ففسدت؛ إذ لا معنى للفساد إلا الخروج عن موافقة الشريعة، فكأنه لم ينو أصلاً.
والثاني - أن تيممه يصح، ويصلح لفريضةٍ واحدةٍ؛ فإنه تعرض لفريضةٍ وزاد، فتفسد نيّته في الزيادة، وتنحصر في الفريضة الواحدة.
وهذا الخلاف يقرب من الخلاف في أن المتوضىء إذا نوى بوضوئه إقامة صلاةٍ واحدةٍ، دون غيرها، ففي صحة الوضوء وجهان؛ فإنه في قصره النية في الوضوء مخالف، كما أنه في التعرض للزيادة على فريضةٍ واحدةٍ مخالف، ولكن التيمم أولى بالفساد لضعفه.
فرع:
٢٠٦ - قد ذكرنا فيما مضى أن المتوضىء لو نوى بوضوئه إقامة الوضوءِ المفروض، جاز، وارتفع الحدث، ولو نوى بتيممه إقامة التيمم المفروض، ففي صحة التيمم وجهان: أحدهما - الصحّة؛ اعتباراً بالوضوء. والثاني - لا يصح، والفرق أن الوضوء قُربةٌ مقصودةٌ في نفسها؛ ولذلك استُحب تجديدُ الوضوءِ، والتيمم غير مقصودٍ في نفسه؛ ولذلك لا يستحب تجديد التيمم.