للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرف؛ فإن الأصول لا يسمَّوْن قرابة في إطلاق اللسان، ومن سمى أباه وابنه وأمه قرابته، كان ذلك في العرف تعقيداً وإلغازاً.

ثم الذين لم يدخلوا الأبوين اختلفوا في الأجداد والجدات، وأولاد الأولاد، فمنهم من أدخلهم، ومنهم من لم يدخل واحداً من الأصول ولا واحداً من الفصول، وإن بعُدوا، وخصّص القرابة بالذين يقعون على جانب من عمود النسب.

ولو أوصى للأقرب فقال: أوصيت بثلثي لأقربهم بي رحماً، فقد قال الأئمة: تسلم الوصية إلى أقربهم بأبيه وأمه؛ فإنه ذكر الرحم، وهذا يتناول جانبَ الأب والأم جميعاً، ويستوي في ذلك العربي والعجمي.

قال الصيدلاني: ظاهر كلامه دليل على أن اعتبار جانب الأم في حق العربي سببُه ذكرُ الرحم والقربُ به؛ فإن لفظ الموصي على ما صور (١): "أوصيت لأقربهم بي رحماً" وهذا يقتضي أنه إذا قال: أوصيت لذوي رحمي -والموصي عربي- دخل تحته المدلون بالأم، وكذلك إذا قال: أوصيت لأرحامي، وإنما يحمل لفظ العربي على المدلين بجانب الأب إذا ذكر القرابة، ولم يتعرض للرحم، فعلى هذا إذا قال: أوصيت لأقرب قرابتي، ولم يتعرض للرحم والموصي عربي، فيجب على مساق [ما] (٢) حكاه الصيدلاني ألا نعتبر جانب الأم؛ فإن الذي ذكره الموصي القرابة مع صيغة تشعر بالأدنى.

ثم أجمع الأصحاب على أن الأقرب يتناول الأبوين والولد، وإنما التردد فيه إذا ذكر لفظ القرابة ولم يتعرض للأقرب، وتعليل ذلك بيّن؛ فإن الإنسان إذا أشار إلى شخص، وقال: هذا قرابتي، وكان أباه أو ولدَه، فلفظه تعقيد، وإذا قال: هذا أقرب قرابتي، ثم فسره بالأب والولد، قبل منه، ولم يعدّ ذلك تعقيداً.

٧٥٥٣ - فإذا [تبين] (٣) أصل الكلام في هذا عدنا بعده إلى من تصرف إليه الوصية


(١) (س): على ما صور، وهو قوله: أوصيت لأقربهم ...
(٢) في الأصل: بما.
(٣) في الأصل: بيّن.