للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلَّ إليهم، وإن لم نجد منهم ثلاثة، فنصرف إلى من وجدنا ما يخصه لو كانوا ثلاثة، فإن كان واحداً، فالثلث، ثم نصرف الباقي إلى الذين في الدرجة الثانية.

وليس ذلك كما لو أوصى الرجل لأقرب الناس به رحماً، فإنا نبطل الوصية للورثة إذا كانوا هم الأقربين، ولا نقول: إذا لم نجعلهم مستحقين نرتفع إلى غيرهم، وذلك أنهم وجدوا ولم (١) يستحقوا، فهو كما لو ردّوا الوصية فبطلت الوصية بردهم، وليس كذلك إذا ذكر لفظ الجمع، ثم لم نجد من الأقربين إلا واحداً أو اثنين، وهذا ذكره على هذا الوجه صاحب التقريب موافقةً للعراقيين حرفاً حرفاً، والكلام في هذا المقام لطيفٌ جداً.

فإذا قال: أوصيت لأقرب الناس لي، فكان أقرب الناس به وارثاً محجوباً عن الوصية، فوجوده يحجب من بعُد، وإذا ذكر لفظ الجمع، ثم لم يوجد في الدرجة الأولى جمع، فكيف يثبت الحجب، ولم يتحقق جمع؟ ثم إذا لم يثبت الحجب (٢) دخل في الاستحقاق من بَعُد، ولكن لمن قرب اختصاصٌ، فاستحق الثلث، فهذا جواب متركب من قواعد حسنة ينجح بمثلها الفقيه.

٧٥٥٨ - وتمام هذا الفصل في مسائل نذكرها للشافعي وللأصحاب تتعلق برعاية الجمع، قال الشافعي رضي الله عنه: إذا أوصى لقرابة فلان أو لأقربائه، فسواء كان له قريب واحد أو اثنان أو ثلاثة، فالوصية لهم، والأقرباء صيغة جمع إن كان في القرابة نظر (٣).

ووجه ما ذكره الشافعي رضي الله عنه أن لفظ الجمع في هذا المقام لا [يعني الجمع] (٤)، وإنما الغرض الصرف إلى جهة القرابة، فإن جرت لفظة الجمع، فالغرض أن يستوعب قرابة ذلك الرجل، ثم يذكر الذاكر الجمع وهو يبغي


(١) (س): وإن لم يستحقوا، كما لو ردّوا الوصية بردهم.
(٢) (س): الجمع.
(٣) كذا في النسختين.
(٤) في الأصل: يعين للجميع.