للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالتقليل، واعتقدنا -مع التقليل والاقتصارِ على ضربتين- وجوبَ الاستيعاب، فكان [هذا] (١) أقربَ مسلك يجمع الاستيعابَ، والتقليلَ، والاكتفاء بغبرةٍ تلصق باليد، في ضربتين.

فهذا ما ذكره الأئمة.

٢٠٨ - ثم في الفصل غائلةٌ لا بد من التنبيه عليها، وهى أن الضربة الثانية إذا ألصقت غباراً بالكفين، فالظاهر أنه يصل ما لصق بالكف إلى مثل سعتها من الساعدين، ولست أرى أن ذلك الغبار ينبسط على الساعدين ظهراً وبطناً، ثم على ظهور الكفين. وقد ورد في الشرع الاقتصار على ضربتين، وهذا مشكل جداًً، ومنه ثار خلافٌ بين العلماء، واضطربت لأجله طرقُهم.

فأما أبو حنيفة (٢)، فإنه صار إلى أن المتيمم لو أغفل ربعاً من كل يدٍ، وربعاً من الوجه، جاز، ونظر إلى اقتصار الشارع على ضربتين، وعلم -فيما زعم- أن الاستيعاب لا يتأتى، ولا يحصل مع الاكتفاءِ بضربتين، فاعتقد جواز الإغفال، ثم ذكر الربعَ تقريباً.

وأما مالك، فإنه قال: الضربة الأولى قد تستوعب الوجه، والضربة الثانية تستوعب الكفين ظهراً وبطناً، ولا يجب مسح الساعدين أصلاً، وقد ذكرنا أن ذلك قولٌ للشافعي.

وأما ما اعتقده أبو حنيفة فغير مرضيّ من جهة أنه لا يوجب نقلَ شيءٍ إلى محل التيمم، بل يقول: لو ضرب يده على صخرة صماء، ولم يعبق شيء بيده، جاز، ولا يمتنع استيعاب الساعدين مسحاً باليد، وإنما الممتنعُ بسطُ غبارٍ عليهما، فإذا كان لا يوجب نقلَ شيء، فلا تفصيل في مُحاولة بسط ما لا يجب نقله، ثم الربع مقدارٌ تحكم به من غير توقيف.


(١) مزيدة من (م).
(٢) هذه رواية عن أبي حنيفة، ر. المبسوط: ١/ ١٠٧، البحر الرائق شرح كنز الدقائق: ١/ ١٥٢. والبدائع: ١/ ٤٦، وفتح القدير: ١/ ١١١.