للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢٠٩ - وأما ما ذكره الشافعي في الجديد، فمشكل جداًً؛ فإن الغبار لا ينبسط (١) على الساعدين قطعاًً، فلا يتجه إلا مذهبان: أحدهما - القول القديم الذي هو مذهب مالك، فيتأتى عليه تقدير بسط الغبار في الضربتين على الوجه والكفين.

والمسلك الثاني - أن نوجب إثارة الغبار، ثم نكتفي بإيصال جرم اليد مسحاً إلى الساعدين، من غير أن نتكلف بسطَ التراب في عينه. والذي ذكره الأصحاب أنه يجب إيصال التراب إلى جميع محل التيمم يقيناً، ولو تردّد المتيمم في ذلك، وأشكل عليه، وجب إيصال التراب إلى موضع الإشكال، حتى يتيقن انبساطَ التراب على جميع المحلّ، وهذا على القطع منافٍ للاقتصار على الضربة الثانية؛ فإن الاقتصار عليها يوجب عدم الانبساط ضرورة وقطعاً، وليس قصور التراب مع غاية [التأتي] (٢) أمراً يتفق على ندور، بل هو أمر لا بد منه، فالذي يجب اعتقاده أن الواجب استيعاب جميع المحلّ بالمسح باليد المغبّرة، من غير ربط الفكر بانبساط الغبار.

وهذا شيء أظهرته (٣)، ولم أر بداً منه، وما عندي أن أحداً من الأصحاب يسمح بأنه لا يجب بسط التراب على الساعدين.

٢١٠ - ثم قد ذكر المزني فيما نقله أنه يضرب يديه ضربة للوجه أولاً، ولا يفرق بين أصابعه، واتفق أئمتنا على أن تفريق الأصابع في الضربة الأولى لا معنى له؛ فإن التراب اللاصق بخلل الأصابع في الضربة الأولى لا يصير مستعملاً في الوجه، وإنما ينتهي إلى الوجه ما لصق بالكفين، فأما تفريق الأصابع في الضربة الثانية، فمفيد؛ فإنه قد دخل أوان إقامة فرض اليدين، ويجب إيصال المسح إلى خلل الأصابع.

ثم كان شيخي يحكي عن القفال: إنه إذا عبِق الغبارُ بخلل الأصابع في الضربة


(١) انتهى الخلل في ترتيب (م).
(٢) تأتى للأمر: ترفق له، وأتاه من وجهه. (المعجم) وهي في النسختين (التأتّي) ولكنا قدرنا أن ذلك من تصحيف النُّساخ، وعدلنا إلى (التأتي) بالتاء، فهذا هو الأقرب لأسلوب إمام الحرمين، والأشبه بلغته. وهو قالها بالتاء إن شاء الله. ثم صدقتنا (ل).
(٣) يصرح إمام الحرمين بخروجه على المذهب، وأن أحداً من الأصحاب لا يسمح بما سمح به.