للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٥٨٨ - [ولو] (١) أوصى بثوب مفصل غير مخيط، ثم إنه خاطه، فقد قال الشافعي وأبو يوسف: لا يكون ذلك رجوعاً، وتعليله بين؛ فإن الاسم لم يتغير على مذهب من يراعي الاسم، والطريقة التي ذكرناها لا تجرى في هذه المسألة. وقال أبو حنيفة ومحمد (٢): يكون ذلك رجوعاً.

ولو أوصى لإنسان بقطن ثم حشا به جُبة، فقد قال من يعوّل على بقاء الاسم وزواله من أصحابنا: تبقى الوصية؛ فإن اسم القطن [باقٍ، والصحيح عندي أن ذلك رجوع عن الوصية؛ فإن القطن] (٣) إذا حشا به الجبة، فهو إلى الفساد والاتساخ، وسقوط القيمة، والخروج عن معظم المقاصد المتعلقة بالقطن، وهذا يشعر بصرفه عن جهة الوصية إلى جهة الاستئثار والاستعمال.

٧٥٨٩ - ومما يتعلق بهذا القسم أنه لو أوصى لإنسانٍ بحنطة معينة، ثم إنه خلطها بحنطة أخرى من عنده، فهذا يكون رجوعاً عن [الوصية] (٤)، فإنّ فعله يُعسِّر تسليمَ الحنطة المعينة [فيتضمن] (٥) هذا رجوعاً عن موجب الوصية، وهذا ظاهر متفق عليه.

ولو أوصى لإنسان بمقدارٍ من الحنطة من جملة حنطة كثيرة، مثل أن يقول: أوصيت لزيد بصاعٍ من حنطة هذا البيت، فلو أنه خلط بحنطة البيت حنطةً أخرى، فقد قال صاحب التقريب: إنْ خلط حنطة البيت بمثلها، فلا يكون ذلك رجوعاً، وإن خلطها بأجود منها، كان رجوعاً، وإن خلطها بأردأ منها، فعلى وجهين.

أما ما ذكره من الخلط بالمثل، فقد اتفق الأصحاب عليه؛ من جهة أنه في وصيته لم يعتمد تعيين مقدار من الحنطة، فلا يكون الخلط مخالفاً لمقصوده. فأما إذا خلط


(١) في الأصل: فلو.
(٢) ر. تبيين الحقائق: ٦/ ١٨٦، مجمع الأنهر: ٢/ ٦٩٤.
(٣) ما بين المعقفين زيادة من (س).
(٤) في الأصل: الهبة.
(٥) في الأصل: فيضمن.