للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الفقهاء قريباً (١) من هذا الخلاف في فسق القضاة والولاة الذين تلقَّوا الولاية من تولية الإمام، والقدر الذي نذكره هاهنا أن فسق الأئمة مختلفٌ فيه، ولو قلنا: الظاهر أنهم لا ينعزلون بنفس الفسق، لكان ذلك مستقيماً، والسبب فيه أن استمرار العصمة بعيد، والمصير إلى انخلاع الإمام بالفسق يخرم ثقة الخلق بالإمامة والزعامة، وليس وراء الإمام ناظر، فالوجه ألا يطلق القول [بانعزاله] (٢).

وأما القضاة فللخلاف فيهم مجال؛ من جهة أن نظر الإمام محيطٌ بهم، فإن حكمنا بانعزالهم، لم يجرّ ذلك [خللاً] (٣)؛ فإن الإمام مستقل بالاستبدال عنهم من غير إفضاء الأمر إلى انتشار الرأي.

فأما الوصي؛ فإنه ليس ولياً، والعدالة مشروطة في منصبه اشتراط العقل، وهو من العقود الجائزة، فطريان الفسق عليه كطريان الجنون.

٧٦٠٨ - ثم الوصاية لا تثبت إلا بالقبول على الرأي الظاهر، ومن أصحابنا من أحلّها محل الوكالة، وخرّجها على الخلاف المذكور في أنا هل نشترط القبول من المستناب؟ ثم إذا قبل الوصاية، لم (٤) يلزمه الوفاء بها، وله أن يعزل نفسه، كما للوكيل أن يعزل نفسه.

وخالف أبو حنيفة (٥) في هذا، فأوجب على الوصي الوفاء بالوصاية إذا قبلها.

٧٦٠٩ - ومما يتصل بهذا الفصل أن الوصي إذا خرج عن كونه وصياً، تعين على السلطان أن ينصب قيّماً، ويقيمه مقامه، حتى لا تتعطل أمور الأطفال، وتنفذ الوصايا المنوطة بالأوصياء.

هذا إذا خرج الوصي عن كونه وصياً، (٦ فأما إذا لم يخرج عن كونه وصيّاً ٦)،


(١) عبارة الأصل: وذكر الفقهاء قرباً قريباً من هذا الخلاف.
(٢) في الأصل: ما يزاله.
(٣) في الأصل: خلا، و (س): أصلاً.
(٤) (س): قبل الوصاية من لم يلزمه الوفاء بها.
(٥) ر. الاختيار: ٥/ ٦٦، وحاشية ابن عابدين: ٥/ ٤٤٧، ٤٤٨.
(٦) ما بين القوسين سقط من (س).