للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر صاحب التقريب مسلكاً ثالثاً فقال: إن رددنا الإقرار في حق الوارث، لم يبعد أن نردّه في حق الأجنبي؛ من جهة أن الإقرار لا يتبغض في هذا المقام، فإذا وجب ردّه، فالوجه تعميم ذلك؛ إذ يستحيل مطالبة الضامن مع الحكم ببراءة الأصيل.

٧٦٢٧ - ومنها مسألة فرّعها صاحب التقريب على قولنا: إن الوصية للقاتل باطلة، فقال: لو أوصى لزيد بألف ولعمرو بألفٍ، وخلّف ابنين، فأقام أحدهما بيّنة أن زيداً قتله، وأقام الثاني بينةً أن عمراً [قتله] (١) فقد ذكر أقوالاً متشعّبة من [أصول] (٢) مشهورة في الدعاوى: أحدهما - أن البيّنتين تتهاتران (٣) وتسقطان جميعاً مقرراً وصيتهما.

والقول الثاني - أن كل واحد من الابنين يستحق نصفَ الدية على الذي ادعى أنه قتل أباه، ويبرأ عن حصته من الوصية، ويكون نصف وصيته على الابن الذي لم يدّع أنه قتله.

والقول الثالث - أنه يجعل كما لو قتلاه اشتراكاً، فتسقط الوصيتان، ويشتركان في الدية. وهذا قول بعيد، لا أصل له.

٧٦٢٨ - ومنها أنه لو وقف ذمِّيٌّ على كنيسة شيئاً، فرفع إلينا، فلا ننفذ [وقفه] (٤)، ومثله لو كان نفذه قاضيهم، ثم رفعوه إلينا، قال: فيجوز ألا ننقضه، ونجعل إبرام قاضيهم بمثابة ما لو اشترى واحد منهم خمراً وقبضه؛ فإنا لا ننقض [عهدهم] (٥).

والصحيح أنه لا أثر للقضاء في ذلك، بل لا وقع لأحكام قاضيهم.

٧٦٢٩ - ومنها أنه لو قال لأمته: إذا مت فأنت حرة، على ألا تتزوجي، فإذا مات، فإن قبلت ذلك، عَتَقَت. قال (٦): ولا بد من قبولها، وإن كان لا يلزمها


(١) في الأصل: فله.
(٢) في الأصل: أمور.
(٣) تتهاتران: تهاتراً: ادعى كل واحد على الآخر باطلاً، والتهاتر: الشهادات التي يكذب بعضها بعضاً. (المعجم) فالبينتان تتهاتران، أي تكذب كل واحدة منهما الأخرى وتسقطها.
(٤) في الأصل: رفعه.
(٥) في الأصل: عندهم.
(٦) قال: القائل صاحب التقريب، كما صرح بذلك العز بن عبد السلام في مختصره.