للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإذاً عقدُ المذهب أن التمكن من استعمال الماء يُبطل التيمم، وكذلك حسبان التمكن يُبطله، وإِن تبين أن الأمر على خلاف ما ظن.

ولو وجب على المتيمم طلبُ الماء، ثم طلب، فلم يجد، بطل تيممه.

فأما بطلانه بالتمكن من استعمال الماء، فمستفاد من الحديث، كما سبق.

٢١٥ - وأما تعليل البطلان بوجوب الطلب، وحسبان التمكن، فنقول: التيمم طهارة ضرورة، والذي يليق بالضرورة أن يحكم بصحة التيمم ابتداء ودواماً، إِذا كان المتيمم بحيث يصح منه الإِقدام على الصلاة بالتيمم، فإِذا وجب الطلب، لم يجز للمتيمم [أن يصلي في تلك الحالة، فإِذا لم يجد، وانكشف الظن، فقد بطل التيمم] (١) بطروء حالة امتنع فيها الصلاة بالتيمم.

وهذا له استناد إِلى أن التيمّم لا يصحّ من غير تقديم الطلب، كما سيأتي.

فلو تيمم ثم طلب الماء، لم يصح تيممه؛ فالأصل في ذلك أن بطلان التيمم لا يتوقف على طريان الحدث، وهو في نفسه غيرُ رافع للحدث، وهو طهارة ضعيفة منوطة بالحاجة.

فإِن قيل: المتيمم إِذا أصابته نجاسة، أو عدم ما يتستر به، ثم وجد ساتراً، أو ثوباً طاهراً؛ فقد امتنعت الصلاة بما طرأ، وإِذا أزال المانع، لم تجب إِعادة التيمم.

قلنا: المانع الذي فرضه السائل لا اختصاص له بالتيمم، ووجوب طلب الماء مختصٌّ بالتيمم، فقد سقط أثر التيمم بمعنىً مختصٍّ به، فكان سقوط أثره مبطلاً له.

ويقرب مما ذكرناه أن المسافر إِذا نوى القصر، ثم شك في صلاته، فلم يدرِ أنوى القصر أم لا، [ثم] (٢) لم يَدُم الشك، بل كما (٣) طرأ وخطر، زال، فيجب الإِتمام، ويبطل القصر بخَطْرةٍ زالت؛ لأن الأصل الإتمام. كذلك الأصل استعمال الماء، فإِذا وَهَت الرخصة بطريان تردُّدٍ، بطلت.

فهذا كله فيه إِذا رأى المتيمم الماء خارج الصلاة.


(١) زيادة من نسخة أخرى بهامش الأصل، ومن نسخة: (د ٣)، (م)، (ل).
(٢) زيادة من: (د ٣)، (م)، (ل).
(٣) كما بمعنى عندما.