للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢١٦ - فأمّا إذا تحرَّم بالصلاة، ورأى الماء فيها، فالذي نص عليه الشافعي أن التيمم لا يبطل، والصلاة لا تبطل (١).

وذكر ابن سُريج وجهين في أن المستحاضة إذا شُفيت في أثناء الصلاة، فهل تبطل صلاتُها بانقطاعِ ضرورتها؟

ومذهب المزني أن التيمم يبطل برؤية الماء في أثناء الصلاة، وقد ذهب بعض أصحابنا إلى تخريج قولٍ موافقٍ لمذهب المزني من مسألة المستحاضة؛ فإنها إذا شفيت، فقد زالت ضرورتُها، كذلك المتيمم إِذا تمكن من استعمال الماء، والأظهر القطع بأن صلاة المتيمم لا تبطل.

وإِنما الخلاف في المستحاضة، والفرق أن المستحاضة تجددت عليها أحداثٌ بعد الطهارة، فإذا شُفيت، تعيّن عليها السعي في رفعها؛ إذ (٢) تمكنت، والمتيمم لم يتجدد عليه حدث (٣)، والصلاة عاصمةٌ مضنون بها؛ ومن احتاج في تحصيل الماء خارج الصلاة إلى بذل درهمٍ، وهو مغبون فيها، لم يبطل تيممه، فبطلان الصلاة أحقّ بأن يُتوقّى، فكأن المتيمم غيرُ متمكنٍ من استعمال الماء.

٢١٧ - ثم إِذا ثبت هذا، فإن أراد المتيمم أن يتمّم الصلاة المفروضة التي هو فيها، فعل، وإِن أراد أن يقلبها نفلاً، جاز، فيصلّي النفل، ثم يتوضّأ، ويفتتح الفريضة.

واختلف أصحابنا في أن الأوْلى ماذا؟ فمنهم من قال: الأولى إِتمامُ الفريضة؛ لأنه التزمها بالشروع فيها.

ومنهم من قال: الإضراب عن الفريضة أولى؛ للخروج عن الخلاف.

وقد رأيت للقاضي أبي الطيب الطبري (٤) في كتابه المترجم بالمنهاج: أن من


(١) ر. المختصر: ١/ ٣١.
(٢) في (د ٣): أو، وفي (م): إذا. ونصّ ابنُ مالك على أن (إِذ) تستعمل بمعنى (إذا).
(٣) في (د ٣): حدوث.
(٤) القاضي أبو الطيب الطبري: طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر: الإمام الجليل، أحد حملة المذهب ورفعائه، نسبته إلى طبرستان، ثم البغدادي، تفقه بأئمة عصره في آمل، ثم نيسابور، ثم بغداد، وفيها حضر مجلس الشيخ أبي حامد الإسفراييني. وعنه أخذ العلم خلق =