للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالقرب منه، وذلك بأن يكون في بعض رمال البوادي، فنعلم ضرورةً استحالة كون الماء، فلا نكلفه التردد للطلب، فإنّ طلبَ ما يعلم الطالب استحالةَ وجوده محال.

ثم قال الصيدلاني: لا يُكلَّف الطالب مشقة، بل يطلب على القرب واليسر.

وقال صاحب التقريب: لا نكلّفه أن يتردّد، ولكن يكفيه أن ينظر يمنةً ويسرةً، ويردّد الطرفَ حواليه.

وكان شيخي يقول: يتردّد قليلاً، ولا نكلّفه أن يبعد.

وليس هذا اختلافاً عندي، ولكن إن كان في مستوى الأرض، كفاه أن ينظر، إذا لم يكن ببصره كلال، وإن كان المكان غيرَ مستوٍ، وكان بحيث لا ينفذ فيه البصر، فيتردد قليلاً، وهذا الفصل فيه استبهام.

ومما أحرص عليه جهدي، أن أضبط مواقع الانتشار، وأوضحَ مقام الاستبهام على مبلغ الإمكان، وقد يتأتى ذلك بأن نقدم المعلومات، حتى يرجع موضع الإشكال إلى ما يقرب النظر فيه.

فلا نكلّفه أن يرتكب خطراً، في نفسه أو ماله بتردّده، ولا نكلّفه أيضاً -والطرق آمنة- أن يبعد عن مجثم (١) الرفقة، فرسخاً، أو نصف فرسخ، ولا نقول: لا يُفارق الأطلالَ، وطُنُبَ الخيام، فالوجه القصد في ذلك، أن يطلب الماء من موضعٍ، لو انتهى إليه، واستغاث بالرفقة، لم يبعد عنه غوثُهم، مع ما هم عليه من تشاغلهم بأشغالهم، وتفاوضهم بأقوالهم. فهذا أقرب معتبرٍ في ضبط ذلك.

ثم يختلف بأستواء الأرض، واختلافها صعوداً وهبوطاً، وإن كان ينسرح الطرف كفى، وإن احتاج إلى التردد قليلاً، تردد على الضبط الذي ذكرناه.

٢٣٢ - وتمام البيان في هذا: أن من رأى ماءً على نصف فرسخ، ولم يكن بينه وبينه مانع، فقد نكلّفه أن يحضر الماء، كما سنذكره في الباب الثاني، ولا نقول:


= المجموع: ٢/ ٢٤٩ قال إمام الحرمين: "إنما يجب الطلب، إذا توقع وجود الماء توقعاً قريباً، أو مستبعد".
(١) في (م)، (ل): مخيم.