قصده في الجهاد، فمجرد الوقوف من غير قتال، هو الذي فيه الكلام، والذي ذكره الأصحاب في تقسيم حال الأجير، حيث قالوا:"إن لم يقاتل، لم يستحق السهم".
أرادوا إذا وقف في المعركة، ولم يتعاط قتالاً، فخرج من ذلك أن الوقوف قتالٌ في حق من جرّد قصدَه، وليس هو قتالاً في حق الأجير على موجب هذه الطريقة، وسنذكر ترتيباً يخالف ذلك في آخر الفصل، إن شاء الله تعالى.
وإن تعاطى القتال، ففيه الأقوال، كما قدمناه.
٧٧٥٨ - ولو حضر البقعة تاجراً، فالذي ذكره بعض الأصحاب في الترتيب أنه إن قاتل، استحق السهم، وإن وقف في الصف ولم يقاتل، ففي استحقاق السهم قولان، والتجارة أضعف من الإجارة؛ فإنها ليست من الأشغال الشاغلة، ويتأتى الجمع بينها [وبين غيرها من الأشغال، وأيضاً؛ فإن التاجر لا يُستَحقُّ عليه](١) عملٌ سوى القتال بسبب اشتغاله بالتجارة، وإبرامه عزمه عليها، والأجير كالعبد؛ من جهة أنه مستحَقُّ المنفعة، فاقتضى هذا الافتراقُ قلبَ الترتيب وإجراءه على مقتضى ما ذكرناه في الأجير، فإنا قلنا: إن الأجير إن لم يقاتل، لم يستحق السهم، وإن قاتل، ففي استحقاقه الخلاف المقدم، ونقول في التاجر: إن قاتل استحق، وإن وقف ولم يقاتل، ففي المسألة قولان.
٧٧٥٩ - ولو كان في أيدي الكفار أسير من المسلمين، فأفلت ذلك الأسير من ربطهم وتحيز إلينا، فالذي أجراه الأصحاب أنه إن قاتل، استحق السهم، وإن وقف في صف المسلمين، ولم يقاتل، ففي المسألة قولان، على الترتيب الذي ذكرناه في التاجر، ووجه التشبيه أنه يليق بحال الأسير إذا أفلت أن يقصد مقاتلة الكفار، والاشتفاء منهم، وليس يتحقق فيه ما ذكرناه في الأجير من كونه مستغرق المنفعة مستحَق العمل، فرأى الأصحاب تشبيه الأسير بالتاجر في الترتيب.
٧٧٦٠ - ومما ذكره الأصحاب أن الإمام إذا استأجر من سهم المصالح أجيراً للقتال،