للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغنيمة؟ قلنا: هذا التفاضل قد نقدّر [الفراغ] (١) منه في مقام الكفايات، إذا قمنا بسد الحاجات.

فإن قيل: هلا فضلتم البعض على البعض بالمناقب والمآثر، والقرب من شجرة النبوة، والعلم والتقوى وغيرها من الفضائل؟ قلنا: هذا رأي أبي بكر: ترك التفضيل، واتبع الشافعيُّ رأي أبي بكر في هذه المسألة، وذكر مفاوضة جرت بين الخليفتين، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر رضي الله عنهما: "أتجعل من شهد بدراً وبيعة الرضوان واختص بالسوابق كمن يدخل في الإسلام آنفاً، قال أبو بكر: إنما عملوا لله، وإنما أجرهم على الله، وإنما الدنيا بلاغ" (٢).

وقد قال صاحب التقريب: إن اتسع المال، فرأى الإمام أن ينهج منهاج عمر، كان ذلك محتملاً، فذكر قولاً مخرجاً [عند] (٣) اتساع المال، فلعله أراد بذلك أن يفاضل الإمام، ويكون في المال من التوسعة ما يرد به نُهمةَ المفضول، [ومال] (٤) غيره إلى قولٍ مطلق غير مقيد باتساع المال.

وكان شيخي أبو محمد يقول: التصرف في ذلك قريبٌ من التصرف في حد الشرب؛ فإنا قد نفوض الرأي إلى الإمام كما سيأتي، إن شاء الله تعالى.

هذا والمذهب المعتمد ترك التفضيل، وهو الذي نص عليه الشافعي وبتَّ به جوابَه (٥).

وكل ما ذكرناه، والتفريع على أن أربعة أخماس الفيء ملكٌ للمرتزقة.

٧٧٨٩ - ومما نفرعه أن نص الشافعي تردد في أنه هل يجب تمليكُ ذراري المرتزقة أم لا يجب ذلك فيهم، بل يصرف إلى المرتزقة مقدار كفايتهم، ويفوض الأمر في


(١) في الأصل: الفرع.
(٢) خبر مفاوضة عمر وأبي بكر في العطاء (رواه الشافعي في الأم ٤/ ٧٨، والبيهقي في السنن: ٦/ ٣٤٨، ٣٤٩، والبزار، وهو في مختصر زوائد البزار: ١/ ٧١٨، ٧٢٠ ح: ١٣٢٩، وفي كشف الأستار برقم ١٧٣٦. وانظر التلخيص: ٣/ ٢٣٠ ح ١٤٩٠).
(٣) في الأصل: عنه.
(٤) في الأصل: وأراد.
(٥) ر. الأم: ٤/ ٧٨.