للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصرف إلى المرتزقة ولا نعترض عليهم؟ فذكر الأئمة قولين: أحدهما - أنه إنما يملّكهم كما تملك المقاتلة. والثاني - لا يملكهم؛ فإن هذا حق المرتزقة، وهم رجال القتال المستجمعون لصفات الغانمين الذين يستحقون السهام. والذراري ليسوا من المرتزقة، فلا معنى لتملكهم ما أُعد للمرتزقة.

فإن قلنا: لا يملِّكُ الذراري، فلا كلام.

وإن حكمنا بأنهم يملّكون، فقد اختلف أصحابنا في تمليك بنات المرتزقة، فمنهم من أوجب ذلك طرداً للباب، ومنهم من خصص إيجاب التمليك بالغلمان الذين يتوقع أن يبلغوا رجالاً للقتال كآبائهم. ثم الذين أوجبوا تمليك [النساء اختلفوا] (١) في زوجات المرتزقة، وليس من بنات المرتزقة، فمال الأكثرون إلى أنه لا يجب تمليكهن.

وما ذكرناه لا يجرّ خلافاً في القَدْر المبذول، فإن الكل يدور على مقدار الكفاية، وفي كيفية صرف مقدار الكفاية التردد الذي ذكرناه.

فالذي هو التحقيق تمليك المرتزقة قدر كفايتهم ويفوّض الأمر إليهم.

ومنهم من رأى إيجاب تمليك كل واحد من المتَّصلين القدر لأجله في الكفاية.

هذا بيان صوره.

٧٧٩٠ - ومما يتعلق بذلك أن الرجل من المرتزقة إذا مات وخلّف أولادً، فهل يجب أن يصرف إليهم من الأرزاق، وإن لم يكونوا من أهل القتال؟ فعلى قولين أيضاً: أحدهما - لا يجب؛ لأنهم ليسوا من المقاتلة، وليسوا تحت كفاية مقاتل. والثاني - يجب؛ فإن رجال المرتزقة إذا علموا أن ذراريهم لا يرزقون بعدهم لا يشمّرون للقتال، ولا يعرّضون أنفسهم ودماءهم للحتوف [وظُبات] (٢) السيوف، وهم يعلمون أن صبيانهم بعدهم يضيعون وروي: "أن عمر كان لا يفرض لأولاد المرتزقة، ولا يفرض إلا للفطيم، فخرج ليلة يطوف، فمرّ بباب دار، فإذا بامرأة ولها صبيٌّ


(١) مطموسة في الأصل: والمثبت تقدير منا على ضوء السياق.
(٢) ذاهبة في الأصل: والمثبت من تقديرنا.