للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا أوجبنا دفع زكوات الأموال الظاهرة إلى الإمام، فلو فرّقها ربها، لم تقع موقعها. وإذا قلنا: يجوز لربّ المال أن يفرقها بنفسه، فلو صرفها إلى الإمام، لجاز.

فصل

٧٨٠٧ - في جواز نقل الصدقات قولان: أحدهما - يجوز؛ لعموم قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ... } الآية [التوبة: ٦٠]، من غير تخصيص بأهل بلد، وإنما دلّت على اعتبار صفات استحقاق الآخذين. والثاني - لا يجوز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" (١). وقال معاذ "من نقل صدقته وعُشرَه من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته، فصدقته وعُشره مردودان إلى مخلاف عشيرته" (٢).

وقيل: منع النقل يجري إذا كان مُلاّك الأموال يتعاطَوْن تفرقة زكاواتهم، فأمّا إذا تولاها الإمام، فلا يتجه القول بمنع النقل؛ لأن نظر الإمام في جميع أرباب الأموال، وجميع أهل الاستحقاق في جميع خِطة الإسلام، فيشقّ منعه من النقل.

ويتجه أن يقال: يرتب الإمام في كل قطر نائباً [يأمره بذلك] (٣)، فهو متيسّر، وإليه يشير قوله عليه السلام لمعاذ: "أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وتردّ في فقرائهم".


(١) حديث معاذ سبق تخريجه.
(٢) حديث معاذ في نقل الصدقة لم نجده بهذا اللفظ، وقد رواه بلفظ مقارب الشافعي في الأم، والبيهقي في السنن الكبرى، وإسناده -كما قال ابن الملقن في البدر المنير- منقطع، والحديث رواه أيضاً سعيدبن منصور بإسناد قال عنه الحافظ في التلخيص: "صحيح متصل إلى طاوس".
هذا وقد اقتصر الحافظ على عزوه إلى سنن سعيد بن منصور، مع أنّ ابن الملقن في البدر المنير الذي هو أصل التلخيص عزاه أيضاً إلى البيهقي في السنن، وإلى الشافعي في الأم، فلعل الحافظ اكتفى بالصحيح. (ر. الأم: ٢/ ٧٨، السنن الكبرى: ٧/ ٩، البدر المنير: ٧/ ٤٠٠، التلخيص الحبير: ٣/ ٢٤٢ ح ١٥١٧).
(٣) في الأصل: بأمره ذلك.