للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إن نكاحه الحرة الكتابية كان لا يحرم عليه؛ فإن حل النكاح كان أوسع عليه من أمته. وقيل: كان يحرم عليه؛ لأن الغالب أنها كانت تكره صحبته ديناً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "زوجاتي في الدنيا، زوجاتي في الآخرة" (١). ولا يحكم بهذا في الكافرة، ولأن قدره العلي لا يقتضي أن يضع ماءه في كافرة.

وكان يحرم عليه نكاح الأمة الكتابية كما يحرم على غيره.

قلت: فلا ينبغي أن تعد من خصائصه.

قال: ويحل للواحد من الأُمّة أن يتزوج الأمة المسلمة إذا عَدِم طَوْلَ حرّة، وخاف العنت، وفي تحريمها عليه صلى الله عليه وسلم وجهان: أحدهما - يحرم: لأن شرط إباحته خوف العنت، وهو الزنا، وقد عُصم صلى الله عليه وسلم. والثاني - يحل له، والشرط يعتبر في حق الأُمّة خاصة. وفي اشتراط عدم الطول وجهان؛ لأن حله أوسع باباً، ولهذا ينكح من غير عدد، فإن لم يعتبر فقدان الطول، جاز أن يتزوج الإماء بغير عدد، وإن اعتبرناه، لم يزد على واحدة، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم


= (ر. البخاري: الطلاق، باب من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق، ح ٥٢٥٤، ٥٢٥٥، ٥٢٥٦، ٥٢٥٧. مسلم: الأشربة، باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكراً، ح ٢٠٠٧، النسائي: الطلاق، باب مواجهة الرجل المرأة بالطلاق ح ٣٤٤٦. ابن ماجه: الطلاق، باب ما يقع به الطلاق من الكلام، ح ٢٠٥٠، طبقات ابن سعد: ٨/ ١١٣ - ١١٦ الحاكم: ٤/ ٣٧، مشكل الوسيط لابن الصلاح. بهامش الوسيط: ٥/ ١٣، التلخيص: ٣/ ٢٧٨ ح ١٥٥٣).
(١) حديث "زوجاتي في الدنيا زوجاتي في الآخرة" قال الحافظ: لم أجده بهذا اللفظ، وفي البخاري عن عمار أنه ذكر عائشة فقال: "إني لأعلم أنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة" ا. هـ. وقال ابن الملقن في البدر المنير: هذا الحديث رواه الحاكم في مستدركه في ترجمة علي رضي الله عنه من رواية ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي عز وجل أن لا أُزوج أحدأ من أمتي ولا أتزوج إلا كان معي في الجنة، فأعطاني". وقد ذكر الحافظ حديث الحاكم هذا، وقال إن في الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن عمر مثله "وفي ملاقاته لحديث الباب تكلّف" (ر. البخاري: فضائل الصحابة، باب فضل عائشة رضي الله عنها، ح ٣٧٧٢، الحاكم: ٣/ ١٣٧، البدر المنير: ٧/ ٤٥٧، التلخيص: ٣/ ٢٧٩ ح ١٥٥٤).