للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمراده صلى الله عليه وسلم فحلّلنه، فكان يمرّض في بيت عائشة رضي الله عنها إلى أن قبضه الله، فقالت عائشة: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي، ورأسه بين سَحْري ونحري، وجمع الله بين ريقي وريقه (١).

وقيل: ما كان يجب عليه القسم، وإنما فعله تكرّماً. وهذا يخرج على تشبيه زوجاته بالسراري.

ومن خصائصه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رمق امرأة، ووقعت منه موقعاً، وجب على زوجها أن يطلقها، وقصة زينب مشهورة تشهد بذلك، قال الله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: ٣٧] فقيل: إنه لم يباشر عليها عقد نكاح، وإنما حلّت له بهذه الكلمة الإلهية. وقيل: إنه عقد عليها. ومعنى قوله سبحانه {زَوَّجْنَاكَهَا} أبحنا لك أن تتزوجها (٢).


= أسامة في مسنده بسند رجاله ثقات إلا أنه منقطع. قاله الحافظ في التلخيص: (٣/ ٢٨٩ ح ١٥٦٢).
(١) حديث "أنه صلى الله عليه وسلم كان يستبطىء نوبة عائشة ويقول: أين أنا اليوم ... " رواه الشيخان (ر. البخاري: فرض الخمس، باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ... ح ٣١٠٠، والمغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته ح ٤٤٥٠، والنكاح، باب إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له ح ٥٢١٧.
مسلم: فضائل الصحابة، باب في فضائل عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ح ٢٤٤٣).
(٢) هذه الخصيصة، والاستشهاد لها بقصة زينب رضي الله عنها، تقوم على تفسير غير مرضيٍّ لآية سورة الأحزاب: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب: ٣٧]
فقد جاء فيما رواه القرطبي: "ذهب قتادة، وابن زيد، وجماعة من المفسرين -منهم الطبري وغيره- إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، وهي في عصمة زيد، وكان حريصاً على أن يطلقها زيد، فيتزوجها هو، ثم إن زيداً لما أخبره بأنه يريد فراقها، ويشكو منها غلظةَ قول وعصيان أمر، وأذى باللسان، وتعظماً بالشرف، قال له: "اتق الله -أي فيما تقول- وأمسك عليك زوجك" وهو يخفي الحرصَ على طلاق زيد إياها، وهذا الذي كان يخفي في نفسه، ولكنه لزم ما يجب من الأمر بالمعروف" ا. هـ ثم أتبع القرطبي ذلك بروايات توضح أو تؤكد أو تشهد لهذا التفسير، منها ما رواه مقاتل، قال: =