للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها أنه لا يورث. قال صلى الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" (١)، فكان ما خلفه على ما كان عليه في حياته وكان الصدّيق رضي الله عنه ينفق منه على أهله وخدمه، ويراه باقياً على ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ الأنبياء أحياء، وهذا هو الصحيح الموافق لسيرة الصديق.

وقيل: كان سبيله سبيل الصدقة، قال صلى الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة".

وقيل: كان إذا أمَّن كافراً لا يلزمه الوفاء بأمانه، وكان يجوز له قتله. وهذا مما أُجمع على تخطئة صاحب التلخيص (٢) فيه. وكيف يليق بمنصب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالف قولَه، ويخفر ذمته، ولو جاز، لكان فيه حط مرتبته، وتتبير (٣) أمره، وعدم حصول الثقة به، ومن حرمت عليه خائنة الأعين كيف يجوز له أن يخفر ذمته؟

ومنها أنه كان يجوز له أن يلعن من شاء من غير سبب يوجبه؛ لأنه كانت لعنته رحمة. وهو غلط باتفاق الأئمة.

ومن هذا القبيل أنه كان يجوز له أن يدخل المسجد جنباً. وهذا هَوَسٌ لا مستند له.

ومن خصائصه شهادة خزيمة له، وإجازتها، وإقامتها مقام شهادة شاهدين عدلين، وفي هذا اضطراب؛ فإنه لم يصح ردّ شهادته في حقّ غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى شهادته؛ لأنه معصوم عن الحلف، ومن كذّبه كفر.


(١) حديث "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" متفق عليه من حديث أبي بكر رضي الله عنه بلفظ أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث ما تركنا صدقة" (ر. البخاري: فرض الخمس، ح ٣٠٩٣، مسلم: الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة، ح ١٧٥٩، التلخيص: ٣/ ٢١٤).
(٢) ر. التلخيص: ٤٧٩.
(٣) كذا في الأصل، وهي بدون نقط. والمعنى: هلاك أمره وفساده. ويلوح لي أنها مصحفة عن: "وتثبيج أمره"؛ فإن التثبيج هو الاختلاط والاضطراب والتعمية. وهو الأكثر مناسبة للسياق.