أما ما كان يخشاه صلى الله عليه وسلم من الناس، فهو أن يرجف المنافقون بأنه نهى عن تزوّج نساء الأبناء، وتزوجّ بزوجة ابنه. ويبقى بعد ذلك إشكال، وهو كيف يقول صلى الله عليه وسلم لزيد: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} وقد أعلمه الله أنه مفارقها، وأنه سيتزوجها؟ وقد أجاب عن ذلك ابن العربي بقوله: "فإن قيل: كيف يأمره بالتمسك بها، وقد علم أن الفراق لا بدّ منه، وهذا تناقض؟ قلنا: بل هو صحيح للمقاصد الصحيحة، لإقامة الحجة، ومعرفة العاقبة. ألا ترى أن الله يأمر العبد بالإيمان، وقد علم أنه لا يؤمن، فليس في مخالفة متعلق الأمر لمتعلق العلم ما يمنع من الأمر به عقلاً وحكماً، هذا من نفيس العلم، فتيقنوه وتقبلوه" هذا ما قاله ابن العربي في (أحكام القرآن) ونقله عنه القرطبي في تفسيره. وأخيراً نقول: لعل إمام الحرمين كان أول من قال بهذه الخصيصة من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فإن ابن العربي وهو يعدد خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الخصيصة، ثم قال: "هكذا قال إمام الحرمين، ثم أشار إلى ما سبق من ردّه لذلك، وتبع الغزالي إمامه في ذلك. (راجع في هذه القضية: أحكام القرآن لابن العربي: ٣/ ١٥٤١ - ١٥٤٤، ١٥٦٣) و (تفسير القرطبي: ١٤/ ١٨٨ - ١٩٢) و (تفسير الألوسي: ٢٢/ ٢٤ - ٢٦) و (تفسير الماوردي: ٣٢٦ - ٣٢٨) و (الخصائص الكبرى للسيوطي: ٢/ ٢٤٦) و (الوسيط للغزالي: ٥/ ١٧). (١) حديث "أنه أعتق صفية وجعل عتقها صداقها" متفق عليه من حديث أنس (ر. البخاري: النكاح، باب من جعل عتق الأمة صداقها، ح ٥٠٨٦، مسلم: النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها، ح ١٣٦٥، التلخيص: ٣/ ٢٨١).