للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلي، ولأن أئمة الورع كانوا لا يغضون الطرف عن الشعور الملقاة في الطرقات، مع جواز كونه شعر من لا تحل رؤية شعرها لما ذكرناه.

ومن أصحابنا من فرّق بين الحرة والأمة، وجوّز أن ينظر من مملوكة غيره ما ينظر الرجل من محارمه، لما روي أن عمر رأى أمة مقنعة، فعلاها بالدرة، وقال: "يا لكعاء تتشبهين بالحرائر" (١) وهذا قد يتجه بأن حكم العورة في الحرائر أضيق منه في الإماء، ولهذا [افترقا] (٢) فيما يجب ستره في الصلاة، فما لا يجب على الأمة ستره في الصلاة فهو منها بمثابة الوجه من الحرّة، لكنا بينا أن الظاهر أنه لا يحل النظر إلى وجوه الحرائر، وأولى الأعضاء بمنع النظر إليه الوجه، ومملوكته التي لا تحل له كأخته من الرضاع والنسب، والمجوسية والوثنية والمرتدة والمعتدة والمكاتبة والمزوجة كأمة غيره.

٧٨٤٦ - أما نظر المرأة إلى الرجل، فإن كان زوجها أو مالكها، فهو كنظر الزوج والمالك إلى زوجته ومملوكته، وفي فرجه ما قدمناه في فرجها.

وأما نظر الأجنبية إلى الأجنبي، فقيل: هو بمثابة نظر الرجل إلى المرأة، وقيل: لا يحل أن تنظر منه إلا الوجه والكفين، وقيل: إلى ما يظهر منه عند المهنة، وقيل: إلى ما فوق السرة وتحت الركبة، وهو القياس المحقق. وروي أن عبد الله بن أم مكتوم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة وحفصة، فقال: لمَ لمْ تحتجبا عنه، فقالتا: إنه أعمى. فقال صلى الله عليه وسلم: "أفعمياوان أنتما" (٣).


(١) أثر عمر رضي الله عنه رواه البيهقي في سننه الكبرى، وفيه قصة ليس فيها قول عمر "يا لكعاء تتشبهين بالحرائر" (ر. السنن الكبرى: ٢/ ٢٢٦، ٢٢٧).
ولكعاء: بفتح اللام، وإسكان الكاف، وبالمد، قال الأزهري: هي الحمقاء، وقال أبو عبيد: اللكع عند العرب: العبد أو الأمة. (تهذيب الأسماء واللغات: ٣/ ١٢٩).
(٢) في الأصل حرفت؛ فرسمت هكذا "افرض".
(٣) حديث "أفعمياوان أنتما ... " رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن حبان من حديث أم سلمة، وأنّ القصة كانت معها، وميمونة.
هذا وقد تعقب سراج الدين ابن الملقن إمام الحرمين بأنَّ جعْلَ القصة لعائشة وحفصة لا يعرف. لكن تعقب الحافظ ابن حجر شيخه ابن الملقن وقال إنه وَجد في الغيلانيات من =