للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاما المجنونة البالغة، فإن بلغت مجنونة، لم تزُل ولاية الإجبار عنها، ولأن مع البلوغ والشهوة تمس الحاجة إلى النكاح، وهو من أسباب زوال الجنون، كما، أنّ العُزْبة من أسباب الجنون.

وإن بلغت عاقلة، ثم جنّت، انبنى على ولاية مالها، وفيه قولان: أحدهما - للأب والجد، كما قبل البلوغ. والثاني - للسلطان؛ لأنها ببلوغها عاقلة رشيدة زالت ولاية الأب، فلا تعود بالجنون. فإن قلنا: ولي مالها الأب، فهو ولي نكاحها كالصغيرة. وإن قلنا: السلطان ينظر في مالها، فالقول في تزويجه مع وجود الأب كالقول في تزويج البالغ المجنونة مع الأخ.

٧٨٥٥ - وكما يزوج الأبُ البكرَ الصغيرة يزوج ابنه الصغير، ولا تعتبر البكارة والثيوبة هاهنا، وإن اعتبرت في باب الإحصان في الزنا في الذكور، والمعتبر في تزويج الابن بالصغر والجنون العقلُ والبلوغ، فيزوّج الأب ابنه الصغير العاقل، فإذا بلغ عاقلاً، لم يجبره، فإن كان رشيداً، استقل بالعقد، وإن كان مبذراً، فقد ذُكر في الحجر، وسنعيد منه شيئاً، إن شاء الله عز وجل.

وإن كان الابن البالغ مجنوناً، نظر، فإن بلغ مجنوناً، زوجه الأب ناظراً (١)، وإن بلغ عاقلاً ثم جن، فعلى الخلاف في الثيب إذ بلغت عاقلة ثم جنت.

وإن كان المجنون صغيراً، فظاهر المذهب أن الأب لا يزوجه، بخلاف الثيب الصغيرة المجنونة؛ لأنه يستفيد به القيامَ بمؤنتها، والابن الصغير يكلّف المؤنة. وقيل في الابن والثيّب الصغيرين المجنونين أوجه: أحدها - يزوجان. والثاني - لا يزوجان. والثالث - تزوج البنت، دون الابن.

والبكارة عبارة عن جلدة العُذْرة، فإن زالت بجماع حلال أو حرام، أو وطء شبهة، صارت ثيباً، ولو زالت بقفزة أو وثبة، أو بأصبع، أو بطول التعنيس والتعزب، ففيها وجهان: أحدهما - أنها ثيب؛ لزوال البكارة. والثاني - أنها بكر؛ لأن البكارة عبارة عن عدم الممارسة واختبار الرجال، وذلك لم يحصل.


(١) كذا. والمعنى بمقتضى نظره له.