للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره ومن أنكر هذا في العبد؛ فإنه ينكر وجوب المهر على السفيه.

٧٨٧٧ - ولو أذن له السيد إذناً مطلقاً، فنكح نكاحاً فاسداً، ووطىء فيه، ففي تعلق المهر بكسبه قولان: الأصح أن لا يتعلق به؛ لأن الفاسد غير مأذون له فيه. والقول الثاني - يتعلق المهر بكسبه لوقوع اسم النكاح على الفاسد، فيندرج الفاسد تحت الإذن، وينشأ من هذا أن من حلف لا يبيع، فباع بيعاً فاسداً، فالمذهب أنه لا يحنث، ويخرج من هذا القول أنه يحنث، وهو مذهب أبي حنيفة (١). فإن قلنا: يتعلق المهر بالكسب، فلا كلام، وإن قلنا: لا يتعلق بالكسب، ففيه القولان، أحدهما - يتعلق بذمته، والثاني - برقبته.

إذا أذن له في النكاح، فنكح نكاحاً صحيحاً، وفسدت تسمية الصداق، تعلق مهر المثل بالكسب قولاً واحداً؛ لأنه وجب في نكاح مأذون فيه.


= ولم نجد فيما ساقه الغزالي في البسيط، والرافعي في الشرح الكبير، والنووي في الروضة، لم نجد فيها ما يعين على قراءة هذه العبارة، ولعل من المفيد أن نذكر ما قاله الرافعي، فهو أكثرهم تفصيلاً للمسألة، قال:
" إذا فسد نكاح العبد؛ لجريانه من غير إذن السيد، فيفرق بينه وبين زوجته، فإن دخل بها قبل التفريق، فلا حدّ، للشبهة، ويجب مهر المثل. وبم يتعلق؟ فيه وجهان:
أصحهما - أنه يتعلق بذمة العبد؛ لأنه وجب برضا المستحق؛ فصار كما إذا اشترى أو اقترض بغير إذن السيد وأتلف.
والثاني - أنه يتعلق برقبته؛ لأن الوطء إتلاف، فبدله كديون الإتلافات، وهذا القول منهم من نسبه إلى القديم. ومنهم من قال: هو مخرج من قولٍ لنا: إن السفيه إذا نكح بغير إذن الولي، ووطىء يلزمه المهر، والقول الأول يوافق قولنا هناك: لا يلزمه شيء؛ لأن المرعي هناك حق السفيه، فينتفي الوجوب أصلاً، والمرعي هاهنا حق السيد، ولا ضرر عليه في التعلق بالذمة؛ فعلقناه بها." ا. هـ
ثم أشار إلى ما قاله إمام الحرمين هنا، فقال: "وفي النهاية أن من الأصحاب من لم ينسبه قولاً للشافعي رضي الله عنه، وقال: إنه حكى مذهب الغير" (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٢٠٥).
(١) ر. مختصر الطحاوي: ٣٢٣، البدائع: ٣/ ٨٣.