للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحرة إذا اشترت زوجها بغير المهر، أو ملكته بسبب غيره (١)، فهل يسقط المهر عنه، فإن قلنا: لا يسقط الدين عنه، فإذا اشترت الحرة زوجها بعد المسيس بمهرها، صح الشراء ولا دور، وإن قلنا: يسقط الدين، قال الفقهاء: تدور المسألة على هذا، ولا يصح الشراء؛ لأنه لو صح، أسقط المهر بملكه؛ لأنه يُسقط الثمن، فيسقط الملك، فيُفضي إلى الدور، وقال القفال: كنت أفتي وأحكي أن البيع يصح بناء على أن المهر لا يسقط، فرأيت في المنام أني سئلت عنها، فأجبت بأن البيع يفسد لسقوط الثمن بطريان الملك، والسيد البائع ضامن، وإذا برىء الأصيل برىء الكفيل، ثم انتبهت، فوجدت في المسألة وجهين مبنيين على العلتين (٢).

فصل

٧٨٨٢ - إذا قال لأمته أنت حرة على زق خمر، فلا تعتِق ما لم تقبل الخمر، فإن قبلتها، عَتَقت بالقبول، ويرجع إلى قيمة الرقبة؛ لأنه لا سبيل إلى الوفاء بما التزمته.

ولا تلتزم العقود في الذمة، وإذا التزمت، لم يجب الوفاء بها.


(١) كالهبة مثلاً.
(٢) أورد الغزالي في البسيط قصة القفال هذه بصورة أكثر تفصيلاً، حيث قال:
"قال القفال: كان حفظي عن أصحابي أنه يصح العقد؛ بنا على أن المهر لا يسقط، ثم رأيت في المنام أني سئلت عنها، فقلت: لا يصح. وعلّلت بسقوط المهر، وبنيته على أصلين للشافعي رحمه الله: أحدهما - لا يسثحق المالك على عبده ديناً، والثاني - أنه إذا لم يستحق برىء عن المهر بشرائها إياه، وهو الأصل. ومهما برىء الأصيل، برىء الكفيل، وهو السيد؛ فيؤدي إلى ارتداد العوض. ثم انتبهت، فتصفحت الكتاب، فوجدته على وجهين مبنيين على أن من اشترى عبداً له دين في ذمته بجناية أو غيرها، فهل يسقط الدين بالملك الطارىء، كما يمتنع بالملك المقارن، فعلى وجهين" ا. هـ. (ر. البسيط: ٤/ ٢١ شمال) مخطوطة مصورة بمكتبتنا.
قلت: (مهما) في كلام الغزالي بمعنى (إذا): أي إذا برىء الأصيل، برىء الكفيل.
وأيضاًً صورة المسألة في دين العبد: أن يجني حرٌّ -رجل أو امرأة- على عبد غيره، فيستحق العبد بسبب هذه الجناية مالاً على الجاني، يستقر ديناً في ذمته، فإذا اشتراه الجاني، وصار سيداً له، فهل يسقط دين العبد؟ بمعنى: هل يمنع الملك الطارىء الدين، كما يمنعه الملك المقارن؟