للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونذكر على معارضتها السَّفر.

ثم نُردِّد النظرَ في خصالٍ لا بد من النظر فيها. فنقول:

٧٩٠٣ - إذا سافر الولي القريب، فالسفروإن طال، لا يخرجه عن الولاية، وآية ذلك أن البعيد لا يلي التزويج في غيبة القريب، ولو كانت الغيبة تُخرج الغائب عن الولاية، لانتقلت الولاية إلى البعيد. ولو غاب الأب وزوّج في الغيبة (١) ابنته البكر، نفذ تزويجها، لأنه وليها.

ويتصل بذلك أمر؛ وهو أن البكر إذا كانت بالغة، وقد غاب الأب -كما صورنا- وكان لا يبعد من الأب الغائب تزويجها، فإذا جاءت إلى السلطان تطلب التزويج، ولم [يُبعد] (٢) السلطان أن يزوّجها، وهي مزوَّجة الأب، فكيف السبيل (٣)؟

نبنيه على نص الشافعي وتردُّدِ الأصحاب فيه. قال الشافعي: "إذا جاءت المرأة إلى السلطان تبغي منه أن يزوجها، لم يزوجها السلطان، حتى يشهد شاهدان أنه ليس لها وليٌّ حاضر، وليست في زوجية ولا عدة" فاختلف أصحابنا في ذلك. فمنهم من قال: هذا احتياط من جهته على طريق الرأي والاستصواب، ولا يتحتم مراعاة ذلك، ومن أصحابنا من قال: يتحتم (٤) مراعاة هذا.

التوجيهُ: من أوجب ما ذكره الشافعي من الاحتياط، احتج بما تبتني [أحكام] (٥) الأبضاع عليه من نظر الشرع واحتياطه، ومن أصدق الشواهد فيه توقف انعقاد النكاح على حضور شاهدين عدلين. والذي يعضد هذا من قاعدة الإيالة أن أمور السلطان


(١) وزوّج في الغيبة: أي زوّجها وهو غائب، وهي بعيدة عنه.
(٢) في الأصل: ينفذ. وهو تحريفٌ يبدو في مظهره هيناً، ولكنه أبهم المعنى وأرهقنا حتى هدينا إلى الصواب بفضل الله.
(٣) هذا متصلٌ بما قبله ومبني عليه كما هو واضح، فالمعنى إذا كان الولي الغائب له حق تزويج ابنته وهو غائب، فإذا جاءت للسلطان تطلب منه أن يزوّجها، فكيف السبيل مع احتمال أن يكون الأب قد زوجها في غيبته؟
(٤) قال النووي: الأصح أن هذا الاستشهاد مستحب (ر. الروضة: ٦٩).
(٥) زيادة من المحقق.