للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجب أن تكون مرتبطة بالنظر، ولا يليق بمنصبه أن يبتدر إلى تزويج امرأة لا يدريها، ولا يحيط بحقيقة حالها. وأحق تصرف بالنظر تصرف السلطان.

ومن قال: يجوز التعويل على قولها، بنى ذلك على رجوعنا في العقود إلى قول أصحابها. فإذا صادفنا شيئاً في يد [أمين] (١) ثم إنه باعه، لم يتعرض القاضي للبحث عن حقيقة ملكه. وهذا قد ينفصل عنه بما يختص البضع [به] (٢) من الاحتياط، ويرد عليه تزويج صاحب اليد على الجارية.

ومما يغمض وقعه في هذا المنتهى أنا إن أوجبنا على السلطان البحث، فالقول فيه يقرب مأخذه من احتياط السلطان في الإحاطة بأن لا وارث للميت سوى هذا الحاضر، ومن هذا القبيل حكمه بالإعسار.

ثم يتعلق بهذا الفن أنه لا يشهد للمرأة الطالبة للتزويج إلا من يطلع على بواطن أمرها، كما ذكرناه في الشهادة على الإعسار، والشهادةِ على ألا وارث سوى من حضر، وفيه تفصيل ذلك. وإذا أحلنا حكماً على حكمٍ ولم نستبن فرقاً بينهما، فليُعتقد مساواة التفريع للتفريع، كما استوى الأصلان.

وإن حكمنا بأن النظر [مستحبٌّ] (٣)، فلو ابتدر السلطان، نفذ تزويجه، وكان مسيئاً.

ويتجه على هذا (٤) أن المرأة لو ألحّت وطلبت التزويج ناجزاً، وقالت: إجابتي ممكنة، والإجابةُ الممكنة واجبة، والتأخير احتياط يجوز تركه، ولا يجوز تأخير واجبٍ لاحتياطٍ يجوز تركه. وهذا لا ينتهي إليه كلام الفقهاء وهو من محض أحكام الإيالة.


(١) في الأصل: أمينا.
(٢) في الأصل: عنه.
(٣) في الأصل: مستحباً.
(٤) على هذا: أي على القول بالاستحباب. أما على القول بوجوب البحث والاحتياط، فلا يجيبها القاضي. صرح بذلك العز بن عبد السلام (ر. مختصر النهاية المعروف بالغاية في اختصار النهاية: ورقة ٥٦).