فتوقفتُ إلى أن هداني الله إلى هذه المسألة منسوبة إلى إمام أهل السنة الشيخ أبي الحسن الأشعري، فهو الذي عناه إمام الحرمين بقوله: "قدوتنا في الأصول". فقد عرض التاج السبكي هذه المسألة في ثنايا ترجمة الأشعري تحت عنوان: ومن المسائل الفقهية عنه، فقال ما نصه: "قال الإمام إمام الحرمين في "باب اجتماع الولاة" من "النهاية" في المرأة تدّعي غيبة وليها، وتطلب من السلطان أن يزوجها وتلح في ذلك: اختلف أرباب الأصول في ذلك، فذهب قدوتنا في الأصول إلى أنها تجاب، وأقصى ما يمكن السلطان أن يستمهلها، فإن أبت أجابها. وذهب القاضي أبو بكر بن الباقلاني إلى أن القاضي لا يجيبها إن رأى التاخير رأياً، ويقول: لا تجب عليَّ إجابتك ما لم أحتط" ا. هـ. هكذا أورد التاج السبكي المسألة، فأفادنا بأن المقصود "بقدوتنا في الأصول" هو شيخ أهل السنة الأشعري، وأن القاضي أبا بكر هو الباقلاني. ثم استدرك السبكي على الإمام الرافعي، فقال: "وقد نقل الرافعي المسألة عن الإمام، وقال: فيها وجهان رواهما الإمام عن أهل الأصول. وأنت ترى عبارة الإمام، لم يفصح بذكر وجهين، وإنما حكى اختلاف الأصوليين، وأراد بقدوتنا في الأصول (الأشعري). ثم حكى التاج السبكي عن والده الشيخ تقي الدين ما ينبغي أن يقال تصويباً وتصحيحاً لكلام الرافعي فقال: "قال الشيخ الوالد رحمه الله: الذي ينبغي أن يقال: إن اجتهاد القاضي إن أداه إلى أن مصلحة المرأة تفوت بالتأخير، وجبت المبادرة، أو أن المصلحةَ التأخيرُ، تعيّن، وإن أشكل الحال أو استوى أو كان في مهلة النظر، فهذا موضع التردد، وينبغي ألا يبادر" (ر. طبقات السبكي: ٣/ ٣٥٩، والشرح الكبير: ٧/ ٥٦٢). (٢) في الأصل يستميلها. (٣) في الأصل: ويقول: لا أجب. (٤) في الأصل: أحفظ.