للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظائر، وتمام البيان في هذا يظهر في أثناء الفصل.

وكل ما ذكرناه في الغيبة البعيدة، وهي عند أصحابنا الغيبة إلى مسافة القصر فصاعداً (١).

٧٩٠٥ - ولو طلق الرجل امرأته ثلاثاً، فعادت وزعمت أن عدتها قد انقضت، وأنها نكحت وأصيبت، وطُلّقت واعتدت، وكان صدقُها ممكناً؛ فللرجل أن يعوّل على قولها. ولم يصر أحد من أصحابنا إلى إيجاب الاحتياط، وإنما ذلك التردد فيما يتعلق بالولي؛ فإن عماد أمره النظر، وسنذكر هذا الفصل الأخير مستقصىً في فروع النكاح إن شاء الله عز وجل.

٧٩٠٦ - وإن غاب الولي الأقرب غيبة تقصر عن مسافة القصر، فإن كانت على مسافة العَدْوى (٢) -وهي مسافة يبتدىء الإنسان قطعها في [صبيحة] (٣) يوم ويؤوب إلى منزله، فيرجع قبل أن يَجُنَّ الليل- فإن كانت المسافة على هذا الحد، لم يزوّجها السلطان، بل يراجعُ الوليَّ (٤).

وإن كانت المسافة فوق ذلك، ودون مسافة القصر، ففي المسألة وجهان:

أحدهما - أنه يراجع الولي، فإن السفر قصير (٥).

والثاني - لا يراجعه؛ فإنا نُدبنا في الشرع إلى الابتدار إلى تزويج النساء من الأكفاء، وحقها واجب، وليس من حق الواجب أن يؤخر مع الطالب المستحِق.

وعلى هذا الوجه اختلف أصحابنا في مثل هذا في سماع شهادة الفروع مع غيبة الأصول إلى ما فوق المسافة التي وصفناها دون مسافة القصر. وكذلك اختلفوا في الاستعداء على الخصم على مثل هذه المسافة، ولا مطمع في كشف أحكام الشهادة


(١) الذي اختاره النووي في مسألة الغيبة هو: أنه إذا غاب الولي الأقرب، فالأولى للقاضي أن يأذن للأبعد أن يزوّج، أو يستأذنه ليزوج القاضي (ر. الروضة: ٧/ ٧٠).
(٢) لمعرفة اشتقاق كلمة (العدوى) وأصلها راجع تهذيب الأسماء واللغات للنووي والمصباح.
(٣) في الأصل: صحة.
(٤) هذا ما اختاره النووي (ر. الروضة: ٧/ ٦٩).
(٥) هذا الوجه هو الأصح، قاله النووي (السابق نفسه).