للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاستعداء هاهنا؛ فإن الكلام فيهما منتشرٌ، وسيأتي تفصيلهما في أدب القضاء والشهادات، إن شاء الله عز وجل.

فهذا بيان ما أردناه في السفر.

٧٩٠٧ - وقد قدمنا ذكر المعاني التي تنافي أصلَ الولاية وفاقاً. فإذا اتصف بها الأقربون، وخرجوا عن منصب الولاية، فحكم خروجهم أن تثبت الولاية للبعيد، وكل ما لا ينافي أصل الولاية، ولكن يؤخر النظر، فهو معتبر بالسفر، ثم طول السفر يُثبت [للسلطان] (١) حقَّ النيابة في التزويج، وإن أردنا سمينا نيابته ولاية؛ من حيث إنها تثبت قهرية، كما تقدم شرح ذلك عند ذكرنا قواعد الولايات، ولا تنتقل الولاية إلى البعيد، فإنها ثابتة للغائب، والسلطان نائب عنه.

وما لا يضاهي السفر الطويل ولا ينتهض مانعاً من النظر التام، فقد يكون كالسفر القصير، وفيه الخلاف والتفصيل الذي ذكرناه.

وهذه الجملة توضحها مسائل، نذكرها ونخرجها عليها.

٧٩٠٨ - منها: أن الولي القريب إذا أغمي عليه، فإن كان غشيته من هَيْج المِرّة الصفراء، وكانت مدتها لا تدوم، فلا مبالاة بها، وستنجلي على قرب، ومن جملة ذلك الصَّرَع.

وإن كان الإغماء بحيث يدوم يوماً ويومين، فقد اختلف أئمتنا؛ فذهب المحققون منهم إلى أنه لا ينافي أصل الولاية (٢)؛ فإنه إلى زوال، أو إلى الإفضاء إلى الموت، وليس له أمدٌ يتمادى، بخلاف الجنون.

وذهب بعض الأصحاب إلى أن هذا ينزل منزلة الجنون، وهذا بعيد لا وجه له إلا ما سنشير إليه -إن شاء الله تعالى- عند ذكر تقطع الجنون والإفاقة.

فإن حكمنا بأن هذا الضرب من الإغماء ينافي الولاية، انتقلت الولاية إلى البعيد المستجمع للشرائط المرعية في الولاية.


(١) في الأصل: المسافر.
(٢) هذا الذي رجحه الإمام، قال عنه النووي: هو الأصح (ر. الروضة: ٧/ ٦٣).