للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوان بيانه، فمن لم ير الجنون مزيلاً لأصل الولاية شبهه بالإغماء على ظاهر المذهب، ومن رأى الإغماء مزيلاً لأصل الولاية شبهه بالجنون المتقطع على ظاهر المذهب، فكل واحد من النوعين [يحمل] (١) على الثاني.

وينتظم من جمعها أوجه: أحدها - أنهما يزيلان الولاية.

والثاني - أنهما لا يزيلانها.

والثالث - أن الجنون يزيل والإغماء لا يزيل، وهذا هو الصحيح.

ثم إن قلنا: الجنون لا يزيل الولاية، فهو كالغيبة، فلنقس مدته بمدّتها وفاقاً بوفاق وخلافاً بخلاف.

ويتفرع على [هذا] (٢) المنتهى أن زمان الإفاقة زمانُ الولاية، وهو بمثابة إياب المسافر، وزوال الغيبة.

وإن قلنا الجنون في غيبته مزيل الولاية، نظرنا في زمان الإفاقة، فإن لم يكن فيها شائبة من خبل، ومن ضرورة البقاء الذي وصفناه طول المدة، فتعود الولاية، وتنقطع عن البعيد بعد الانتقال إليه.

وإن كان في زمان الإفاقة آثار من الخبل يحتمل مثلها فيمن لا يعتريه الجنون، ويحمل على حدّةٍ وسوءِ خلق، فهل تعود الولاية والحالة هذه؟ أم تلتحق هذه المدة بالجنون؟ فيه اختلافٌ بين الأصحاب.

وحقيقة التردد أنّ من الأصحاب من لم يجعل ما سميناه (٣) جنوناً على الحقيقة، ومنهم من أثبته جنوناً، [وأتبعه] (٤) زمن الإفاقة في الصورة التي ذكرناها، ومنهم من أثبت الجنون في نوبته، وأثبت الإفاقة في نوبتها. وإن قلّت مدة الإفاقة، بحيث قد يتماسك في مثلها من يسمى مجنوناً مطبقاً مطلقاً، فذلك جنون، وإن قل زمان الهَيْج بحيث قد يطرأ مثله على اللبيب إذا تلظَّى غضباً، فذاك ليس بجنون، وهذه مرامز.


(١) في الأصل: (مسلح) بهذا الرسم.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) ما سميناه: المراد ما رسمناه.
(٤) في الأصل: واتبع.