للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسيأتي استقصاؤها في كتاب الجزية، إن شاء الله تعالى.

٧٩١٠ - فإن قيل: إذا لم تجعلوا الإغماء مزيلاً للولاية، وألحقتموه بالسفر، أوْ وَقَع الفرضُ في السفر وقصرت مدته؛ بحيث تزعمون أن الولي يراجَع، فلو ألحّت المرأة وقالت: التزويج [حقِّي] (١)، فلا أرضى بتأخيره ساعةً من نهار، ونظرك أيها القاضي قائم مقام النظر المنقطع، فلا تؤخر تزويجي، فهل يجيبها إلى مرادها؟

قلنا: لا يجيبها إلى مرادها؛ فإن القاضي يقول: ليس لك إرهاقي إلى هذا الحد، لو لم يكن لك ولي أصلاً، إلى أن أفهم ما تقولين وأنظر فيما تطلبين.

والمدة التي قطع الأصحاب فيها بالتأخير [لمراجعة] (٢) الولي لو أخر في مثلها القاضي حيث لا ولي لها - لم يبعد؛ لنظرٍ وترديد رأي، فقد ذكرنا وجوهاً من الاحتياط غيرَ هذا، فإذا كانت لا تملك الإرهاق، حُملت على الصبر إلى المراجعة في التفصيل الذي ذكرناه.

فإن قيل: حيث يزوّج القاضي في غيبة القريب، فهلا قلتم: لو زوج القريب لم ينفذ منه، لاختلال نظره بسبب الغيبة؟ ولو قيل بهذا، لكان آمناً من ازدحام نكاحين! قلنا: هذا (٣) يفرض في الأب المُجْبر إذا غاب، وقوة شفقته مع غيبته تعادل نظرَ القاضي إن لم تزد عليه، فليس المصير إلى أن الولي لا يزوج لينفذ تزويج القاضي ما ولي من عكس ذلك، فليجر كلُّ شيء على أصله.

ثم إن فرض نكاحان لم يخف أمرهما، وقد تمهد طريق الاحتياط في صدر الفصل، فإنه إذا وكّل الأب من يزوج ابنته ولم يعيّن كفئاً، [وصححنا] (٤) التوكيل على هذا الوجه على ما سيأتي شرحه -إن شاء الله تعالى- من بعدُ، فلو غاب الوكيل غيبة بعيدة، فالمذهب أنه على الوكالة، وإن لم يكن ذا قرابة تثير شفقة؛ فإذاً الأصول لا تخرم ولا تصدم بالخيالات البعيدة.


(١) في الأصل: خفي.
(٢) في الأصل: لم أجعله.
(٣) هذا: أي إثبات حق التزويج للولي الغائب.
(٤) في الأصل: وصححت.