للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجهه؛ أن الغرض الأظهر في تعيين الخاطب، وهذا مفوض شرعاً إلى الولي المتصف بكمال الشفقة. فلا يجوز أن يُحِلّ فيه أجنبياً محل نفسه، ويفوض إليه ما هو منوط بشفقة الولاة، بل حقه أن ينظر ويعيّن الخاطب، وينيب الوكيلَ مناب نفسه في العبارة عن العقد فحسب، وليس ذلك كالتوكيل بالبيع؛ فإن الغرض المطلوب منه البيع بثمن المثل، وليس يخفى درْك مقداره، ولهذا يستفاد التصرف في المال بالوصاية، ولا يستفاد بها التصرف في البضع.

هذا إذا كان الولي مجبِراً على النكاح.

٧٩١٥ - فأما إذا لم يكن مجبِراً، وكان يفتقر إنكاحُه المرأةَ إلى استئذانها؛ فنقول: إذا أذنت المرأة وعيّنت كفئاً، صحّ إذنها. وإن أطلقت الإذن، وفوّضت طلبَ الكفء إلى الولي؛ ففي صحة الإذن على هذا الوجه، وجهان مرتبان على القولين في توكيل الولي المجبِر. فإن قلنا: يصح (١) التوكيل مع الإطلاق، فلأن يصح الإذن مع الإطلاق أولى، والفرق أن المرأة وإن أطلقت الإذن، [فهي] (٢) مفوِّضة أمرها إلى وليها، وهو على حظٍّ صالح من القرابة ذابٌّ عن نفسه في طلب تبرئة النسب والحسب عما يَشينه، وليس كذلك التفويض إلى الأجنبي.

ثم إذا جوّزنا الإذن المطلق؛ فإذا قالت لوليها: "زوّجني"، تقيّد ذلك بالتزويج من الكفء، كما إذا وكل مالكُ المتاع إنساناً، فالتوكيل المطلق يتقيّد برعاية المصلحة في البيع بثمن المثل نقداً.

وإن قالت المرأة لوليها: زوّجني ممن شئت، كفئاً كان أو غير كفء؛ فيتخيّر الوليّ حينئذ؛ فإن التزويج من غير كفء جائزٌ شرعاً، والحق في ذلك لا يعدو المرأةَ والوليَّ. وهذا فيه إذا كان الولي واحداً. فإن كان الأولياء جمعاً، وقد استجيزوا، فقد سبق التفصيل فيه.

ولو قالت: "زوّجني من شئت" ولم تتعرض لذكر الكفاءة ونقيضها، هل يجوز


(١) في الأصل: لم يصح.
(٢) في الأصل: فهو.