للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن إقرارها للأول، فلا يقبل رجوعها، ولكنها هل تغرَم للثاني شيئاً أم لا؟ فعلى قولين، مبنيين على ما لو قال صاحب اليد في الدار: غصبت هذه الدار من فلان، لا بل من فلان، فالدار مسلّمة إلى الأول، وهل يغرَم للثاني قيمة الدار، بسبب انتسابه إلى إيقاع الحيلولة بين الثاني وبين الدار؟ فعلى قولين، تمهد ذكرهما تأسيساً وتفريعاً في كتاب الغصوب وغيره.

فإن قيل: لو شهد شهود على الطلاق المُبين ونفذ القضاء بشهادتهم، [ثم] (١) إنهم رجعوا عن شهادتهم، فما قولكم في تغريمهم؟ قلنا: نغرِّمهم، قولاً واحداً؛ فإن التفويت الذي حصل بسبب شهادتهم لا مستدرك له، وليس كذلك الإقرار بالغصب؛ فإن المقَرَّ له الأول يُتصوَّر أن يصدِّق المقَرَّ له الثاني، فيسلِّم الدار له، وقد يفرض قيام بينة على وفق مراد الثاني، فلما تُصوّر مستدركٌ؛ اختلف القول.

فإن قيل: لم ألحقتم الإقرار بالزوجية بصورة القولين؟ قلنا: لأن الأول يتصور أن يصدق الثاني.

فإن قيل: فلو اتفق ذلك، فلم تصدق المرأة؟ وقد سبق منها ما يدل على تحريمها على الثاني، فهلا قلتم: إن هذا بمثابة ما لو ادعت المرأة رضاعاً محرِّماً، ثم كذّبت نفسها، وأرادت أن تنكح من زعمت أنها محرَّمةٌ عليه، فإن ذلك لا يقبل منها؟ قلنا: إذا ذكرت رضاعاً، فقد أقرت بحرمة ثابتة، والإنكار [والإقرار] (٢) في مسألتنا يتواردان على كل ممكن. فإذا أقرت بعد الإنكار، سمع ذلك منها.

ولو ادعى رجل زوجية امرأة، فأنكرت، ثم أقرت، سمع إقرارها [مع أنها] (٣) نفت حِلاًّ، ثم اعترفت به. وكانت كمن ينكر حقاً، ثم يعترف به. وستأتي أمثال ذلك مشروحة، إن شاء الله عز وجل.

وإن حكمنا بأنها تغرم للثاني لو أقرت [له] (٤)، ففي المقدار الذي تغرمه قولان،


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) في الأصل: بأنها.
(٤) في الأصل: به.