للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وترتيب مذهب. والقول الوجيز الكافي هاهنا؛ أن مقدار ما تغرمه هاهنا، كمقدار ما نغرِّمه للشهود على الطلاق، إذا رجعوا بعد نفوذ القضاء.

٧٩٣٦ - ونعود إلى غرضنا فنقول: إن قلنا: إنها لا تغرم للثاني لو أقرت له، فلا نحلفها للثاني، لأنه لا يستفيد بتحليفها، لا زوجية ولا غيرها، ولا معنى للتحليف الذي لا يفيد.

وإن قلنا: إنها تغرم (١) للثاني؛ فله أن يحلِّفوها رجاء أن تقر أو [تنكل] (٢) عن اليمين، فتردّ اليمين على الثاني، ويستحق عليها غرماً.

فإن قلنا: الثاني يحلِّفها، فلا يخلو؛ إما أن تحلف أو تنكل عن اليمين، فإن حلفت، انفصلت الخصومة، وثبتت الزوجية للأول، وانقطعت خصومة الثاني، وإن نكلت عن اليمين، ردت اليمين على الثاني، فإن نكل عن اليمين، كان نكوله بمثابة حلفها. وإن حلف يمين الرد؛ فقد حكى الصيدلاني قولين في نكاح الأول، هل ينفسخ ويثبت للثاني، أم لا ينفسخ، ولكنها تغرم للثاني؟ أحدهما -وهو محكي عن القديم- أن نكاح الأول ينفسخ، ويثبت النكاح في حق الثاني.

والقول الثاني - مخرج على القياس الجديد، وليس منصوصاً عليه، وهو أن النكاح لا ينفسخ أصلاً، ولكن فائدة يمين الرد، ثبوت الغرم.

ثم بنى أصحابنا هذين القولين، على أن يمين الرد كالبيّنة أو كالإقرار؛ قالوا: إن جعلناها كالبينة، ارتفع النكاح الأول، وثبت الثاني، كما لو قامت بينة على موافقة دعوى الثاني.

وإن قلنا: يمين الرد كالإقرار، فلو أقرت للثاني، لم يفد إقرارها ارتفاعَ النكاح الأول، ولكنه يفيد تغريمها.

قال الشيخ أبو بكر (٣): الصحيح ما خُرّج في الجديد؛ لأنا وإن جعلنا يمين الرد


(١) في الأصل: أنها لا تغرم.
(٢) في الأصل: تنكر.
(٣) الشيخ أبو بكر: أي الصيدلاني، صرح بذلك النووي (ر. الروضة: ٧/ ٩٢).