للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيعود الترتيب إلى إقرارها لأحدهما، وقد سبق في ذلك قول كاف.

وكل ما ذكرناه فيها إذا توجهت الدعوى متعلقة بما جرى من العقد، وترتب عليه التعرض لنفي العلم، كما تقدم.

٧٩٣٨ - فأما إذا ادعى كل واحد منهما عليها زوجية مطلقة، دعوى باتّة، فهذا القسم يستدعي تقديم أصل، وهو: أن من يدعي عقد نكاح على امرأة؛ فقد اختلف قول الشافعي في أنه هل يجب على المدعي تفصيل الدعوى، وذكر الشرائط المرعية في صحة العقد؟ [وسيأتي بيان ما يجب فيه تفصيل الدعوى وما يجوز إطلاق الدعوى فيه] (١)، وقدرُ غرضنا الآن إشارة إلى الخلاف.

ولو لم يتعرض المدعي للعقد ولكنه ادعى على المرأة أنها زوجته؛ فقد اختلف أئمتنا في ذلك: فقطع بعضهم بأن الدعوى مسموعة مطلقة على هذه الصيغة، ولا نكلف المدعي ذكر [الزوجية] (٢) وتفصيلها واستقصاء شرائط الصحة.

وذهب آخرون إلى أن المدعي يُكلَّف إسنادَ الزوجية التي يدعيها إلى عقد، ثم يؤمر -على أحد القولين- بذكر شرائط الصحة، كما تقدم. وقد ذكرنا في صدر الكتاب أن المرأة إذا أقرت بأنها زوجة فلان، فهل يقبل إقرارها مجملاً، أم لا بد من أن تذكر صفة العقد في إقرارها؟ فإن شرطنا في الإقرار التفصيل وذكر العقد، فإنا نشترط على حسب ذلك التفصيل في دعوى الزوجية مطلقة. والمسألة مفروضة في الواقعة التي نحن فيها، فلا نكتفي من المرأة بأن تنفي علمها، بل عليها أن تجيب جواباً باتّاً.

ثم قال الأئمة: إذا كانت لا تدري، فلها أن تثبت قولها وتقول في جواب المدعي: "لست زوجتك"، ثم لها أن تحلف على حسب ذلك. وهذا من لطائف أحكام الدعوى؛ فإن الشرع يسوّغ القطع والبتّ في الجواب ممن لا يدري حقيقة الحال، والضابط في هذا الجنس: أنه إذا أمكن ربط الدعوى متعلقة بعلم المرأة،


(١) في الأصل: وسيأتي ذلك فيه، وفيما يسوغ إطلاق الدعوى فيه. والمثبت تصرف من المحقق.
(٢) في الأصل: الزوجة.