للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فغيّر المدعي صيغة الدعوى وجزمها، وأتى بها مطلقة، فتغيير المدعي صيغةَ الدعوى من ادعاء العلم إلى الجزم لا يغير حكمها.

وهذا يناظر ما لو ادعى الرجل على وارث: أن مورّثك أتلف على مالاً، وعليك أن تغرم قيمته من التركة، فيحلف الوارث أنه لا يعلم أن أباه أتلف عليه، فإن لم يتعرض المدعي لذلك، وادعى على الوارث أنه يلزمه تسليم ألف من التركة إليه، فللوارث أن يحلف على البتّ؛ لا يلزمه تسليمُ ما يدعيه إليه.

وإن فرعنا على أن دعوى الزوجية لا تسمع مطلقة، فإذا أسندت إلى عقد، فيعود التفريع إلى أنه لا بد من دعوى علمها، وقد مضى القول في ذلك مفصلاً، وبان ما يفضي إليه الخصام آخراً.

وهذا نجاز الفصل، فإن نحن لم نذكر بعض الصور، فهو لدلالة ما ذكرناه عليه.

والله المستعان.

فصل

قال: "ولو زوجها الولي من نفسه بأمرها، لم يجز ... إلى آخره" (١).

إذا أراد الولي أن يتزوج وليته، وذلك يفرض في بني الأعمام من القرابة، وفي المعتِق والمعتَقة؛ فمذهبنا: أنه إذا أراد ذلك، ورضيت المرأة به زوجاً، فليس له أن يتولى طرفي العقد، فيزوّجها ويتزوجها. ولو وكل وكيلاً بتزويجها منه، فرام بذلك تصوير الإيجاب والقبول بين شخصين، أحدهما وكيله، والثاني هو؛ فهذا لا يسوغ عندنا أيضاً؛ فإن عبارة وكيله بمثابة عبارته، وعبارة الوكيل مستعادة في حق الموكِّل، فلا فرق بين أن يأتي هو بالعبارتين، وبين أن يفوّض لفظ الإيجاب إلى وكيله، فلا وجه إذا أراد التزوج؛ إلا أحد أمرين - أن يكون في درجته ولي إن كانت المسألة مفروضة في تزويج القرابات، أو في ورثة المعتقين، فيزوجها الولي الذي في درجته. هذا وجه.


(١) ر. المختصر: ٣/ ٢٦٦.