للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في بعض التصانيف في ذلك وجهان: أحدهما - أنه لا يجوز، وهو الظاهر؛ فإنما يحتمل مثل ذلك من وليٍّ تشمل ولايته الشقين جميعاً، كما ذكرناه في الجد والحافدين، والوكالة ضعيفة. وهذا ما كان يقطع به شيخي. والوجه الثاني - أن ذلك يصح، كما نص الشافعي عليه في التوكيل في الخلع؛ فإنه جوّز أن يكون الشخص الواحد وكيلاً من جهة الزوج في المخالعة، ومن جهة الزوجة في الاختلاع، على ما سيأتي ذلك في موضعه، إن شاء الله تعالى. وهذا الوجه في نهاية الضعف.

والذي يُهوِّن الأمرَ في رده قليلاً؛ أن شِق القبول في الوكالة [ضعيف] (١). وهو سفارة محضة، وكأنه يكتفى فيه بإخبار وإعراب عن حقيقة حال، فلا يكون الوكيل مخاطباً نفسه في التزويج، وإنما المحذور في قاعدة الفصل أن يكون الرجل [خاطِباً] (٢) مجيباً. وعلى هذا يمتنع التوكيل في جانب البيع والشراء جميعاً، فإنه لو سوغّ، لكان الوكيل ملزماً نفسه ملتزماً، وذلك غير منتظم. وأبو حنيفة وإن جوّز أن يتولى الوكيل في النكاح الطرفين، لم يجوز هذا في البيع. وقد يعترض للفقيه شيء من مسألة التوكيل في الخلع، وإذا انتهينا إلى تلك المسألة، أعدنا وكالة البيع، إن شاء الله عز وجل.

فصل

قال: "ويزوج الأب أو الجد البنت التي قد أيس من عقلها؛ لأن لها فيه عفافاً ... إلى آخره" (٣).

٧٩٤٣ - وقد قدمنا في مراتب تصرف الولاة قولاً بالغاً في تزويج المجنونة، ونذكر في هذا الفصل تمامَ الغرض مشروحاً؛ فإن الذي تقدم في حكم التوطئة والتمهيد، والتفاصيل أحلناها على المسائل، فالوجه أن نذكر في تزويج المجنونة صوراً، ونوضح في كل صورة ما يليق بها.


(١) في الأصل: "ضعيفة" وهذا التصحيف على تفاهته أرهقنا كثيراً، فقد أوحى بأن هناك موصوفاً مؤنثاً ساقطاً رحنا نبحث في تقديره، حتى وجدنا الصواب في صفوة المذهب.
(٢) فى الأصل: مخاطباً.
(٣) ر. المختصر: ٦/ ٢٦٧.